وفي اليوم الثامن أقلعت السماء وانقشعت السحب عن زرقتها فبدا القمر يلمع ضوءه الفضي وغيض الماء وظهر كأنه يتراجع مجهدا من النصر حاملا معه غنائمه وأسلابه من الأغصان وأوراق الشجر والطمي والرمل والمخلوقات الميتة. . .
وفي اليوم التالي أشرقت الشمس على المكان المقفر، فتركت الأرنب مخبأها وجعلت تتطلع حولها.
لقد اختفى الغدير وحل محله تيار بطيء من الماء المشرب بالوحل يجري تحت الضفة العالية حاملا معه ضحاياه.
وفجأة لاح للأرنب العجوز بين الأغصان العارية وأوراق الأشجار الجافة وآلاف الفقاعات الصغيرة كأنها حبات عقد انفرط لاح لها الأرنبان الصغيران، جثتين هامدتين، نحيلين طويلين مفتحي الأعين مرتفعي الآذان، يسبحان ويسبحان في الماء الجاري، الواحد بجانب الآخر وكأنهما شقيقان صغيران لا يود أحدهما الافتراق عن الآخر حتى بعد الموت.
وهكذا عادت الوحدة والوحشة تطرقان قلب الأرنب العجوز وهكذا عادت الجزيرة إلى حالها من الهدوء والسكون.