وقال (أو لم يرى الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي) وقال (وآية لهم الأرض الميت وأحييناها وأخرجنا منها حباً فمنه يأكلون)
ولاشك أن هذا النمط من الآيات الجامعات والأقوال البينات مما يرشد الناس إلى التفكير من الكون وخبايا الأرض وأسرار الحياة والتطلع على خفايا الوجود. وبهذا ينطلق العقل البشري باحثاً منقباً متطلعاً مما يؤدي إلى الوصول دقائق الحقائق في الوقوف على نظام هذا الكون وموجوداته على تعددها وتبيانها وتعقدها. كذلك كان الرسول ينظر إلى العقل نظرة كلها تعظيم وإجلال، فقد رأى فيه أصل الدين وأساسه، وأن لا دين لمن لا عقل له قال عليه السلام حين يسأله على عن سنته:(. . . والعقل أصل ديني) وأمر بالتواصي بالعقل والرجوع إليه ففيه النجاة وفيه الآمان. قال عليه السلام:(اعقلوا عن ربكم وتواصوا بالعقل تعرفوا ما أمرتم به وما نهيتم عنه. واعلموا أنه ينجدكم عنده ربكم (وبين أن الله يأخذ بالعقل ويعطي بالعقل ويثيب به ويعاقب على أساسه، وما تم دين أحد بالا بالعقل، وما عبد الله بشيء أحب إليه من العقل وبمثل العقل.
روى لقمان بن أبي عامر عن أبي الدرداء أن رسول الله قال: (يا عويمر ازدد عقلاً تزدد من ربك قرباً، قلت: بأبي أنت وأمي ومن لي بالعقل؟ قال اجتنب محارم الله وأد فرائض الله تكن عاقلاً، ثم تنفل بصالحات الأعمال تزدد بالدنيا عقلا وتزدد مع من ربك قرباً وبه عزاً. . .) وروى أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: (أثني على رجل عند رسول الله بخير فقال كيف عقله؟ قالوا يا رسول الله إن من عبادته. . . إن من خلقه. . . إن من فضله. . . إن من أدبه. . فقال كيف عقله؟ قالوا يا رسول الله نثني عليه بالعبادة وتسألنا عن عقله، فقال رسول الله: (إن الأحمق العابد يصيب بجهله أعظم من فجور الفاجر، وإنما يقرب الناس من ربهم بالزلف على قدر عقولهم) ويرى الرسول لن الحياة من مستلزمات العقل فلا يكونان إلا مع العقل ولا يسيران إلا في كنفه.
والعقل نور جعله الله للدين أصلا وللدنيا عماداً به ميز الحق من الباطل وتعرف حقائق الأمور ويفصل بين الحسنات والسيئات وعليه يقوم النجاح ويكون الفلاح. قال عليه السلام (العقل نور في القلب يفرق به بين الحق والباطل) وقال (أفلح من رزق لباً) أي عقلا.