للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإجادة الفنية في حسن الاختيار والتصرف والشرح. والأمر في قبضة المعلم الحازم الذي يولد من القصة موضوعات شائقة في الإنشاء. وما أحب هذا النوع من الكتابة الفنية لدى الأطفال والناشئين من تلاميذنا! ومما يرفع من شأن القصص المدرسية في جملتها وعنايتها الصادقة بتصحيح التراكيب والمفردات التي كان يظن أنها في فسولة العامية، وليس هذا بالأمر الهين فهو مما يحتاج إلى جهود متضافرة، واطلاع شامل، وخبرة تامة بأساليب اللغة العامية أما الخيال في هذه القصة وفيما سبقها فبعيد مداه، ليس له أفق محدود، وهذا العنصر من عناصر القصة متى أجاده المؤلف وواتاه فيه الطبع أكسب القصة سحراً وتأثيراً.

هذا وقد بلغ التحليل النفسي الغاية في دقة الوصف، وأثر ذلك واضح في تصوير بطلي القصة الأب توت، ذلك الحكيم الكيماوي، وحابي الأثيم الذي كم ذاق صنوفاً من الشقاء. وقد أصاب مؤلفو القصص المدرسية في هذه الناحية توفيقاً كبيراً يدل على قدرة عجيبة في فهم طبائع الأشخاص، ودراسة ممحصة لأحوال البيئة المصرية، تجد ذلك في العرض الدقيق في سائر القصص للعادات والتقاليد والأوضاع الاجتماعية في بيئتنا، مع صدق في اللهجة، وجمال في الفن وبساطة في التعبير، وابتكار متجدد، فتلك جريدة التلميذ الملحقة بقصتنا الجديدة نوع مستحدث ومستطرف يرمي إلى غرس الملكات الأدبية في نفوس الناشئين

وكل ذلك مما يجعل القصص المدرسية مورداً عذباً لدراسة عقلية نافعة، ومثلا عليا للتلميذ تحببه إلى الفضيلة وتعمل على رفع مستواه الخلقي، وتشحذ من عزيمته، وتقوي من استقلاله الفكري

وبعد فماذا في تلك القصص؟ إنها مجهود أدبي في أدب الطفل يسير في طريق تحقيق الغاية من إيجاد الأدب القومي الذي يجمع بين الموروث عند العرب في الثقافة اللغوية، وبين موضوعات البيئة التي نعيش فيها.

فإلى من يهتمون باللغة القومية في العهد الجديد من المسئولين وغيرهم نوجه الحديث، فإن في تشجيع ذلك المجهود شداً لأزر الفصحى في المدارس

(الجيزة)

أبو الفتوح محمد التوانسي

<<  <  ج:
ص:  >  >>