فاغرورقت عينا ريف بالدموع وقال: يا فتاتي المسكينة هلا صفحت عنى. .؟ وكأن لهجته الرقيقة المتوسلة قد لامست أوتار قلبها فمحت منه كل حقد واستياء فيه الإعياء الشديد. فنظرت إلى وجهه المكدود وجسمه المرهق من عناء العمل فشعرت بخطئها في هدم الحائط وخلق هذه المتاعب لهذا الرجل البريء. فنظرت إليه بعطف وقالت متلعثمة: وأنتأيضاً تعبت مثلي في بناء الحائط يا ريف، وأنا كنت السبب ولكن أعدك بأني لن أهدم لك حائطك بعد. فاقترب منها ريف وأمسك بذراعها قائلا برقة: ما كنت لأضطرك لبناء الحائط لولا حبي لك يا جيزيا. إنها فرصة خلقتها للتمتع بقربك يا حبيبتي بعد طول نفورك.
وحركت مشاعر جيزيا لهجة ريف العذبة، واستهوتها غايته تلك. استهواها هذا الحب المحموم وهذه العاطفة الجياشة حيالها. ورأت تلك الشخصية الضعيفة المتخاذلة وتلك اللهجة المترددة المائعة حين باح لها بحبه أول مرة فاستثار نقمتها حتى طردته، رأت الآن كل هذا يتوارى خلف هذه اللهجة العذبة ممتزجة بهذه الشخصية القوية الجبارة التي فرضت عليها طاعته وأرغمتها على الخضوع لرغبته. رأت كل هذا فأحست بأن هذه الشخصية القوية الرقيقة، الناعمة الخشنة، القاسية اللينة قد ملكت قلبها. فأغمضت عينيها نشوى ثم مالت عليه تدفن رأسها في صدره هامسة: لقد بدأت أحبك ياريف. فطبع ريف على فمها قبلة فاتحة عهد جديد.