وبعد أيام - ومن نفس الطريق - عاد الشابان يصعدان الجبل إلى قريتهما ومعهما في هذه المرة. . . جميلة؛ فقد وفقا إلى اختطافها أخيراً
وفي (بشرى) انعقد مجلس الأسرة لمحاكمتها، واعترفت التعسة بكل شيء: اعترفت بأنها قد فرت من كنف أسرتها مختارة، وطلقت دينها مختارة، وتزوجت من عدو عشيرتها. . . مختارة أيضاً
وصدر حكم الأسرة عليها بالإعدام. ووكل أمر التنفيذ إلى أخيها بطرس.
كم بكى خليل، حين انفرد بالعاصية بعد صدور الحكم، وكم أجهد أعصابه وهو يفتنها عن حبها لعمر، محاولاً إقناعها بأن تشتري حياتها بالزواج منه هو. . . لكنها أبت في إصرار، وراحت تتطلع إلى بعيد وقد رفت نظراتها وبدت كالحالمة وهي تقول بصوت حنون:(إنني أوثر حبي، فأنت لا تعرف حبيبي) ودق الباب، ودخل بطرس - جلادها - فبكى خليل، وإذا بها ترمقه بنظرة أوهنها الإشفاق، ثم تقول وهي تضع يديها على كتفيه:(كن شجاعاً يا خليل. . . فلست بخائفة. . . وهل يعرف الخوف من يعرف الحب؟)
ثم ذهبوا بها وقد انتزعوها منه بعد أن أوصدوا عليه الباب وحين تمكن من اقتحامه، بعد لأي، مضى كالمجنون، يعدو باحثاً عنها. . . حتى وجدها تحت شجرة أرز. . . مذبوحة!
ولم تمض أيام حتى لحق بها زوجها عمر. قتل نفسه على قبرها، بعد أن أوصى بأن يدفن معها في نفس المقبرة. . . المقبرة التي ما تزال قائمة حتى اليوم خارج بلدة طرابلس، والتي ما تزال تظهر على أحجارها أحرف محفورة بخط عربي جميل. . . أحرف اسمي: عمر وجميلة.