للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إن تعلقي بالحياة لا لأن نفسي عزيزة علي ولكن للحب الذي تكنه لك. فإذا مت فلا تبك علي لأن بكاءك يؤلمني. . ولا تحزن فان حزنك يشقيني. . . ولكن اذكرني كلما خلوت إلى نفسك).

في هذا الأسلوب الذي لا غموض فيه ولا تكلف فيه كتبت إلي خطابها وهو خطاب طويل، فما انتهيت من قراءته حتى أحسست الدمع يتساقط من عيني، وان الأرض تدور بي، ولم أعرف أين أنا سائر، وكدت أعود لأضمها بين ذراعيوأغمر وجهها بالقبل لأخفف عنها وطأة آلامها ولكني لم أستطع إذ كانت قواي قد خارت ونفسي قد تضعضعت فجلست عل أقرب مقهى وجدته، وما شعرت إلا والنادل ينبهني إلى موعد الانتهاء من سهرته. فقت أهيم على وجهي طيلة الليل وأنا حائر ماذا أفعل وقد قطعت مع عمها وعدا بالزواج من ابنته. ولو كان الحب فقط الذي أكنه لابنة عمها لكتمت أنفاسه وتخلصت منه. . . ولكن كيف أتخلص من وعدي وبماذا لأعود إلى تلك أحبتني في صمت وتعذبت في سبيلي كل هذا العذاب وأنا سادر عنها غافل عن أشجانها وآلامها، فذبلت كما تذبل الزهرة قبل تفتحا لأنها حرمت الساقي الذي يتعهدها.

وفي اليوم التالي بكرت في الصباح وقد بيت في نفسي أمرا. وقبل أن أصل إلى الدار صكت أذني أصوات النساء يندبنها. فلما ولجت الباب رأيت خادمها حزينا. فلما سألته أخبرني أن شريانا قد انفجر إثر صدمة نفسية لم تستطع لها احتمالاً. هكذا قال الطبيب. يا رحمتاه لها.

فعلمت أني قد قتلتها وأنا عنها غافل.

وبعد أسبوع كنت أستقل القطار مبتعدا عن معهد ذكرياتي المؤلمة، ولكنها ما زالت تطاردني كلما وقعت عيني على صورتها التي لا تفارقني.

عبد الموجود عبد الحافظ

<<  <  ج:
ص:  >  >>