(وكم ندمت على أني كنت سبباً في تعرفك بتلك التي سلبتك مني واستولت عليك من دوني، وكثيراً ما حدثتني نفسي أن أسحقها كما سحقت قلبي وأحطم حياتها كما حطمت حياتي. ولكني كنت أخشى أن يكدر فعلي هذا صفو حياتك ويسبب لك الشقاء والآلام.
(لقد كان أسعد يوم في حياتك هو أشقى أيام حياتي، فبينما أنت تنعم بقرب حبيبتك وقد فاضت منك كأس السعادة. كنت أنا أقاسي آلاما تهد الجبال وأتجرع كأس الخيبة والحرمان غارقة في حمى الحب الذي حطم أعصابي. بينما أنت تضحك ملء فمك، كنت أنا أبكي مصير حبي وأندب ذكرياتي الجميلة واشبع آمالي الواسعة، في حجرتي المظلمة التي تذكرني كل قطعة فيها بحبي، وبأنك كنت في يوم من الأيام لي وحدي فكم تمتعت فيها بالجلوس إليك لا يشاركني فيك أحد. في هذه الحجرة رحت أشكو منك وكنت قبل اليوم أشكو لك. في هذه الحجرة سعدت بأحلامي الجميلة واليوم أذرف فيها الدمع على أطلال سعادتي الذاهبة.
(لقد ههمت كثيرا بأن أكتب إليك بما ألاقيولكن كان الوقت قد مضى والفرصة ضاعت. وهل كنت تصغي لكلماتي وأنا في نظرك لا أعدو طفلتك الصغيرة؟
(أتذكر يوم لقيتني في حجرتي منفردة أضع رأسي بين يدي وعلامات الألم تبدو على وجهي فقلت لي: لقد كبرت وغدوت تفكرين كما يفكر الكبار. ثم جلست تربت على كتفي وتمسح بيدك شعري، وأنت تسألنيعن سبب همي، فكدت أجثو على ركبتي وافتح قلبي بين يديك وأريق أمامك كل ما كنت أكظمه من الحنان وما يكربني من لاحب، ويملأ قلبي من العواطف.
(لقد أصبح كل شيء في هذا الوجود مصدره عذابي فكرت كل شيء وأحست بأبغض لهذا العالم ومن فيه فلم أعد أطيق رؤية أحد.
(لقد كان حبي لك كبيرا وكانت خيبته أكبر. فلم أقدر على تحمل ثقلهما. فإذا طواني الموت فابك يا حبيبي على حبي لك لأنه سيبلىولأنه قد توسد الثرى وكان يحلم بتوسد ذراعك ولأنه ضمه القبر وكان الواجب أن تضمه في أحضانك، ولفه الكفن وكان حقيقيا أن يلفه وإياك فراش واحد، واحتوت صحراء مقفرة وكانت أمنيته أن يحتويه عش تكون أنت سيده.