مسحة من الهم والألم، وكانت تتعمد ذكر ابنة عمها أمامي وتنظر إلي أثناء ذلك نظرات لم أعرف مغزاها إلا بعد فوات الأوان.
وصحبتها إلى السينما وكنت على موعد مع ابنة عمها فاختارت المقعد الأوسط لتجلس بيننا فنفذت رغبتها ولكن فعلها آلم ابنة عمها، فعتبت علي على مصاحبتي لهذه الصغيرة وإذعاني لرغبتها، فقد كانت كل منهما تتربص بالأخرى ولكنها تتحاشى لقاءها، عرفت حبيبتي أن ابنة عمها تحبني ولكنها لم تذكر لي شيئا عن ذلك.
وها لني ما طرأ على تلميذتي من تغير ملحوظ فأصبحت تؤثر الوحدة وتتحاشى الناس. وتجلس معي صامتة واجمة، وبدأت عيناها تذبلان ونظراتها تتكسر، فحاولت أن اعرف سر ذلك منها فلم أفلح. وكانت كلما خرجت معي بمفردها - لأنها كانت ترفض دعوتي إذا علمت أن ابنة عمها سترافقها - تسر لذلك ويذهب عنها بعض حزنها وصارت لا تذكر غريمتها أمامي كما كانت تفعل قبل اليوم.
وذهبت لأطلب يد ابنة عمها فلما تم كل شيء بعثت من يعلن الخبر في بيتها وكانت ترمي من وراء ذلك إلى غرض في نفسها. ولما ذهبت في اليوم التالي إلى صديقي إذ كنا على اتفاق لنذهب إلى إحدى الحفلات، ولم أجد تلميذتي تنتظرني كما هو مألوف. وهنأني الجميع ولكنها لم تحضر، فسألت عنها فعجب الجميع لغيابها، وبحثوا عنها حتى وجدوها، فلما جاءت رأيتها قد انكمشت في نفسها.
وسألتها عن تقدم استعدادها للذهاب معنا فاعتذرت بتعب تحسه. وحاولت كثيراً فلم توافق. وفي اليوم التالي علمت بأنها مريضة فزرتها وواظبت على زيارتها كل يوم، غير أن حالها كان يسير من سيئ إلى أسوأ. وكانت تسرع خطواتها إلى العام الآخر فأضفت على البيت الحزن والكآبة. وفي أحد الأيام ذهبت لعيادتها فانتهزت فرصة خلو حجرتها من الآخرين وسلمتني غلافا. فلما ههمت بفضه أشارت إلي إشارة فهمت منها أنهالا ترغب في ذلك. ولما صرت خارج الدار فضضت الغلاف فوجدت صورتها بين أوراقه وتصفحت كتابها فإذا فيه. . .
(حبيبي لقد أحببتك وأنت لا تدري، وان كنت قد بادلتني هذا الحب، غير أنك كنت تستخف به لأنه في نظرك حب طفلة وما دريت أن لهذه الطفلة قلبا. . .