وربت راجح على كتفيها وهو يبتسم، وقال: لا تخشى بعد اليوم شيئاً يا بدرية؛ لن نفترق بعد؛ لقد دنا اليوم الذي أرتقب يا عزيزتي من زمان، لأغسل الدم بالدم، وأنتقم، فنعود أعزَّة إلى الوطن الذي أكرهنا على هجرانه، ويومئذ. . .
وطأطأت بدرية رأسها من حياء، واسترجعت أماني عاشت بها حيناً وعاش فتاها؛ وسرحا بأفكارهما إلى بعيد؛ إلى حيث كانا يلتقيان كل مساء تحت ضوء القمر في ظلال النخيل القائمة على مقربة من بيوت الحي، يتساقيان ويتناجيان نجوى الشباب؛ وابتسم، وابتسمتْ. . .
ودوى بوق المعسكر يدعو فرقة المتطوعين من أعراب الصحراء إلى نَوبتهم في العمل؛ فهب راجح واقفاً ومضى إلى واجبه، تتبعه عينان تفيضان بالحب والحنان، ولسانٌ يخافِت بالنجوى والدعاء!