العميقة الدقيقة؛ في هذا الجانب النفسي؛ وما يتصل به عكوفا متواصلا؛ وليس أدل على ذلك من هذا الثبت في آخر الكتاب يرشدك إلى أن هذا الموضوع ليس وليد المصادفات الغريبة؛ بل هو كمين في ذهن الكاتب من فجر حياته الفكرية؛ ووقوفه التام على ما تجود به الأقلام في هذه الناحية؛ ثم صياغته صياغة محكمة طلية؛ كل هذا يضع هذا البحث من القلوب موضع الإكبار والحب؛ لأنه الباكورة الأولى التي نرجو مخلصين أن تتابع؛ وقيمة الكتاب يجب ألا تقاس فقط بكثرة ما يحمل من نظريات لا يحوم حولها النقد؛ بل يجب أن تقاس أيضاً بما يثير من آراء؛ ويبعث من أفكار؛ وينير من جوانب؛ ولعل هذا النوع يكون أطول بقاء وأقوى على النفع بما يتولد عنه ويتجاوب معه؛ وحسبي ذلك في تقديم هذه الشجرة، فليقبل عليها القارئ ليجنى ثمرها؛ ويهدأ في ظلها.