الواجب اتباعها، على أن هذا السلوك العملي يستمد كيانه من قواعد نظرية نستطيع استخلاصها. والمجال لا يتسع لبسط هذه النظريات، وأكتفي بضرب مثل بإحداها وهي نظرية أن الفضيلة وسط بين طرفين، فهي سائدة في أغلب السور مثال ذلك:(ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط)
والأخلاق عند إخوان الصفا كسبية لا فطرية، لا كما ذكر المؤلف من أن منها (ضرب جبلي وآخر كسبي) ص ١٨٠. وفي ذلك يقول إخوان الصفا ج١ ص ٢٣٦ (والمثال في ذلك أن كثيراً من الصبيان إذا نشأوا مع الشجعان والفرسان وأصحاب السلاح وتربوا معهم تطبعوا بأخلاقهم وصاروا مثلهم. وعلى هذا القياس يجري حكم سائر الأخلاق والسجايا التي ينطبع عليها الصبيان منذ الصغر) والسبب في اعتناق إخوان الصفا مذهب الكسب في الأخلاق، لأنه يخدمهم في نشر عقيدتهم التي يريدون تغليبها في الأمصار. ولو قالوا بالفطرة ما كانت هناك جدوى من نشر مذهب جديد
والغريب أن المؤلف أخرج الغزالي من زمرة المتصوفة حيث قال ص ١٩٧: ولسنا في حاجة للقول أن الغزالي أصاب الحق بمجانبته للمتصوفة وموافقته للنظار والفلاسفة. ونقول أن الغزالي يقصد بالنظار أولئك الذين يسلكون طريق التصوف عن نظر لا عن تقليد أعمى
هذه النقدات لا تنقص من قيمة مجهود موفق جليل، نرجو أن يتابعه بمؤلفات أخرى في القريب.