في صباح الخميس الثامن من صفر سنة ١٣٦٣ توفى العالم الغزير العلم والرجل القوي العزم الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي عن ٦٨ سنة. ولد رضى الله عنه في بيت علم ورياسة بشنقيط، وتلقى أكثر العلوم على كبار مشايخ القطر الشنقيطي من أقاربه وغيرهم، ثم هاجر إلى مراكش فعلم به السلطان مولاي عبد الحفيظ فاصطفاه أخذ العلم عنه، ثم استأذنه وهاجر إلى المدينة المنورة فجاور هناك، وبعد الحرب العامة الماضية سافر إلى دمشق فصحب شيخ القراءة فيها وأجازه بالقراءات، ثم هبط مصر فندبته مشيخة الأزهر لتأليف كتاب يضم ما اتفق على تخريجه البخاري ومسلم، فعكف على ذلك عشر سنوات ونيفاً؛ وقد تم طبعه بأخرة في ستة أجزاء. واختارته مشيخة الأزهر كذلك مدرساً بتخصص كلية أصول الدين، وعضواً في بعض اللجان العلمية، ورجاه بعضهم أن يلقي محاضرة في جمعية الشبان المسلمين، فلما علا المنبر اقترحوا عليه أن تكون المحاضرة في التاريخ فاقترحها من صدره، فعجبوا منه. وعرف مكانته كثير من أهل العلم والفضل بمصر فزاروه وحفلوا به، رأيت منهم في داره بعض جماعة كبار العلماء ومشايخ كليات الأزهر وغيرهم. وترك في شنقيط والحجاز ومصر من التلاميذ والتآليف المطبوعة والمخطوطة ما يدون اسمه في سجل الخالدين. ودفن بجوار العالم الصالح الشيخ محمد الجنبيهي بمقابر الإمام الشافعي. أفاض الله على قبره رحمة ونوراً وعوض الإسلام منه خيراً.
أديب الأندلس ابن زيدون
في (أهرام) غرة فبراير عالم ١٩٤٤ كلمة في الدعوة إلى إحياء ذكرى الأديبين العظيمين الحسن بن رشيق وأبي الوليد ابن زيدون، قال كاتبها إن وفاة ابن زيدون كانت سنة ٦٦٣ وأنه مضى عليها سبعة قرون. والصواب أن وفاته كانت سنة ٤٦٣ وهي السنة التي توفى فيها ابن رشيق المذكور، على ما في (شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد)، ودائرة معارف البساتي وغيرهما.