إلى دور السينما أو يرتادا أماكن اللهو وهو الشيء الذي يملأ حياتها بفنون من المسرة والإمتاع!. . . وترفع رأسها الصغير ثم تنظر في ساعة يدها وسرعان ما تدرك أن ميعاد السهرة قد قرب فتقف قليلا أمام المرآة ثم تسرع نحو الباب، وحين تدير المزلاج يحدث ذلك الصوت الطبيعي المعروف فيستيقظ سمير وينظر نحو أمه ثم يهتف بصوت أضعفه النعاس - ماما. . . ماما! إنت رايحه فين يا ماما! فتعود الأم وهي تحاول أن تهدهده حتى ينام ثم تقول له
مش رايحه يا حبيبي. . .! ولكن يدي الصغير تحوطان عنقها في إصرار وتشبث وهو يقول. . . خليكي هنا يا ماما. . . ترتجف الأم حين تسمع ذلك الصوت الصغير الحالم.
وتحس بأهدابها تختلج وبأعصابها تنتفض. . . إنها تنظر في عينيه فلا تجد تلك النظرات الساذجة الهادئة، بل إنها لتكاد ترى فيهما عيني والده. . . الزوج الذي مات منذ أربع سنوات. . . إن عينيه لم تموتا. . . إنهما هنا ببريقهما العميق النفاذ. . .! وهاتان اليدان الصغيرتان إنهما يشدان على عنقها بعنف لا تقدر عليه يدا رجل. . . إن هذه الرغبات الطاغية التي كانت تعصف بروحها منذ حين لتوشك أن تختنق تحت وطأة هاته الأيدي الطفلة. . .! ولكن ها هو النوم يطبق أجفان سمير في هدوء، وها هو يستل يديه من حول عنقها كأنه يريد أن يسنده إلى صدره؛ وها هو ذا عقرب الساعة يشير إلى تمام الثامنة ويشير إلى شيء آخر هو أن صلاح ينتظرها الآن فلماذا لا تخرج؟ والواقع أنها لا تستطيع لأنها هي الأخرى قد نامت إلى جوار سمير. . . ثغرها على جبينه. . . ويدها على خصره. . . وروحها تعانق روحه في سماء لا يعلمها غير الله. . .