وسيكون دموعا. . غداً يكبر. . وتكون له معشوقات ويمضي الليالي الطوال لا يفكر إلا في فتاة أحلامه! أما هي فأغلب الظن أنه لن يذكرها إلا حين يحتاج إلى نقود! ثم ماذا بعد ذلك؟ سيتزوج سمير من غير شك. ومعنى هذا أنها ستنتقل من مركز الأم إلى مركز الحماة! وهو مركز لن تحسد عليه بأي حال! ومعنى هذا أيضاً أن (سمير) لن يتكلم معها إلا ليقول. . . يا سيدتي إن هذا لا يصح! لماذا دائماً تثيرين الخلاف مع زوجتي؟ وإذا قدر لها أن تظفر منه بابتسامة فإنها فضلا عما ستحمله من معاني التهكم فستكون على رأس طائفة من الألفاظ لن تفضل بأي حال هذه العبارة. . إنني على استعداد لأن أبحث لك عن مكان لائق وأتكفل بكل مطالبك على أن تتركينا ننعم ببعض الحياة التي كنت تنعمين بها مع أبي. . .!
أما إذا تكرم يوماً بزيارتها فلن يحدث ذلك إلا حين يكون على خلاف مع زوجته، أعني أنها لن تسمع منه غير ألفاظ الشكوى وزفرات الألم!
وهكذا وبكل بساطة تأتي امرأة أخرى لتأخذ الرجل الذي صنعته هي بدموعها وقدمت ليالي شبابها الذاهب قرباناً في محراب حبه!
كم كانت ستخدع وراء هذا السراب الزائف الذي يسمونه الأمومة؟
ثم تبتسم في سخرية وهي تلقي على نفسها هذا السؤال. . . لو الذي هي التي ماتت أكان من المعقول أن يبقى زوجها أربع سنوات بدون أن يتزوج؟ لا، لا يمكن بعد اليوم أن تترك عواطفها الشابة تستدفئ على موقد ليس فيه غير الرماد!
هي إذن ليست مخطئة حين تعرفت إلى صلاح! ذلك الشاب الذي يسكن الشقة المقابلة لقد أحست حين رأته أول مرة وهو يحمل ابنها الصغير بين يديه حين وجده يبذل مجهوداً في صعود السلم! أحست بكل جسدها ينتفض مثلما ينتفض المحموم حين توضع فوق جبينه قطرات الماء. . . لقد استبقت يده بين يديها قليلا وهي تستجمع أشتات الألفاظ لتشكره على ذلك الصنيع الطيب!
ولم تكد تخلو إلى نفسها حتى رأته يبدو أمام عينيها بقامته الفارعة ووجهة الأسمر وابتسامته الخلابة؛ ومثلما سمحت ليفه أن يزور خيالها فقد سمحت له أن يزور مسكنها. وهكذا استطاعت أن تجعل هذا اللقاء العابر يستحيل إلى صداقة. ومن يدري فقد تستحيل تلك الصداقة إلى حب. ومهما يكن من شيء فحسبها تلك الصداقة التي تتيح لهما أن يذهبا معاً