يخرجن عن الوعي من الهول؛ ويرى ماء المطر يهبط على النيران فلا يزيدها إلا توهجاً واندلاعاً، ويسمع من دون فحيح اللهب وقعقعة النار صوتاً كأنما هو من صبية يستغيثون، فيقتحم اللهب يطمع أن ينقذ فلذات كبده من بين أنياب السعير، فما يكاد يخطو في المنزل خطوات حتى تحيط به النيران، ويطيش سائراً ويتخبط حائراً حتى يوقن أنه لن يستطيع إنجاء ولده، فتثور الطبيعة في رأسه، ويخشى على نفسه، فيحاول العودة من حيث أتى، ولكن النار تحيط به وتأسره، فيضطرب ويختنق، ويحاول الصراخ فلا يخرج صوته، ثم يثبت في مكانه ويقع لا يعي، وينطبق اللهب مرة أخرى كأن ليس في جوفه شيء).
فأنت ترى أن (سيرة السيد عمر مكرم) بمنهاجها الذي سارت عليه، وغرضها الذي هدفت إليه، وأسلوبها الذي كتبت به، حرية بأن بكون في يد كل شاب قدوة، وفي يد كل كاتب نموذجاً، وفي يد كل قارئ ثقافة ولذة.
جزى الله مؤلفها الفاضل خير ما يجزي به العامل المخلص على جهده وقصده وتوفيقه.