للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حق المعرفة، ولو أني قضيت لما بكي على بكاءه عليهما مع أني ربيته ورعيته

أني أحيطك علماً بذلك يا سيدتي لكي تكوني على بينة من الأمر إذا لم يكن قد أفضى إليك به. . . وينبغي عليك أن تشفقي عليه فهو شقي تعس، وأحياناً تضطرب أعصابه فيثور ويهيج ويخرج عن طوره وهدوئه؛ وما هذا بذنبه. . . ولكن يرجع إلى والديه، وإسراع المنية إليهما وهو لا يزال المهد. . . فلو أنه عاش في طفولة غير هذه الطفولة. . . لكان رجلا آخر. . .).

طفقت هذه الذكريات تنساب من ثغر مدام بنارد في إسهاب وإطناب. . . حتى أقبل المساء إلى الكون، واخذ الشفق ينشر في الأفق رداءه الأرجواني الرائع. . . وحينئذ سألت (مدام دي برسي) عن مصباح يمزق تلك العتمة التي بدأت تثقل وتقتم. . . أما (مدام بنارد) فلم تلمح تلك الدمعات التي تألقت على وجنتي مدام دي برسي فجففتهما في سكون. . .

وأخيرا وجهت (مدام دي برسي) الحديث إلى المرأة العجوز وهي تنهض قائلة (يسرني ويبهجني ما تحدثت به عن زوجي العزيز يا مدام بنارد. . .) وضغطت على يدها في تأثر. . . فعجبت مدام بنارد لهذا التأثر، ولم يكن هذا آخر عجبا إذ أن (مدام دي برسي) بعثت معها ببرقية لترسلها من مكتب (جوراند) إلى باريس. . .

ولم تكن تدري ما احتوته هذه البرقية. . . ولكن علمت أنها وصلت باريس هذا المساء وحضر (مسيو دي برسي) في اليوم التالي

(طنطا)

مصطفى جميل مرسي

<<  <  ج:
ص:  >  >>