بزورقه. . . عندما كان صبياً. . . وقد كادت أن تطويه يوماً في مائها. . . أني لأذكر هذا اليوم طيلة حياتي). . .
وأدركتا نهاية المزرعة حيث كان ثمة مقعد قديم دارس نمت عليه الحشائش وكسته الأزهار. . . قالت مدام بنارد:(هذا مقعده حيث كان يجلس للقراءة. . .)
وفي جولتهما مرتا بفسيح من الأرض الخضراء، فارتفع صوت (مدام بنارد) قائلة: هذه هي الحديقة التي كان يفضلها ويقوم فيها برياضته. . .).
وعندما مرتا باصطبل للخيل. . . علقت فيه السروج والمواتر والسموط قالت مادم بنارد:(كان يقطن هنا بونيفاك!)
- (ومن بنويفاك هذا!؟.)
- (فرسه الصغير. . .)
وتنقلا من مكان إلى آخر حتى أتمتا سياحتهما وشاهدتا صحن الدار والحدائق والأدغال والريف المحيط بالقصر والطريق وفروعه وكل ما كان يخص (لويس) من أماكن كان يرتع فيها لاعباً أو لاهياً، ويجلس فيها قارئاً أو كاتباً. . .
كانت آثاره في كل مكان، فما تقدمت (مدام دي برسي) خطوة حتى بصرت بأثر جديد ينم عن زوجها إبان صباه. . . وقد لوحته الشمس ودرسه صرف الدهر. . .
فلما انقضت الجولة وآواتهما الدار من جديد. . . قصدا البهو حيث جلستا في فرجة شرفة تطل على البحر بأمواجه الراقصة. . .
وراحت مدام بنارد تسرد قصة (مسيو دي برسي) في طفولته وصباه في لهجة صادقة مخلصة: (لعلك تدرين أن والديه كانا على قسط وافر من الغرابة. . . ولكنني أدرى منك بذلك. . . قلما اتفقا على شيء. . . ولم يكن أحدهما غريباً عن الآخر، ولكن أخلاقهما كانت غريبة حتى أنهما عاشا منفردين طيلة زواجهما الذي لم يجتمعا فيه إلا أياماً معدودة. . . فإذا حضر الوالد إلى هنا، كان على المرأة أن تغادر القصر على الفور. . كان كل منهما مشغوفاً بسيدي (مسيو لويس) فهو ابنهما الوحيد. . . فضلا أن يدعاه هنا في كنف. . . فقمت أرعاه وأحدب عليه ما وسعني. . . فكان لي كل شيء في هذه الدنيا. . . وقضى والداه نحبهما وما زال في المهد صبياً. . . فحزن عليهما هذا التعس الشقي وكأنه يعرفهما