للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- فما حاجتك؟

- حياة زينوبيا

فتجهم وجه الإمبراطور وتمتم:

- هي ملك الشعب وقد خرجت من يدي

ووقعت الكلمات على قلب مارسيوس فدكته بين ضلوعه، ومشى مستأنيا والناس من ورائه ذاهلون، وسقط في فراشه يقبض بأصابعه على بطنه فيكاد يفريها، ويشد شعره فيكاد يقتلعه، وينتابه اليأس فيومئ إلى بعض أنصاره لإنقاذها فيصرع حرس السجن منهم كثيراً ومن يبق يبتلعه السجن

وجلس الإمبراطور في الحفل الهائل يضحك حيناً ويشير حيناً إلى الأسود التي تزأر في ساحة الملعب، فيتردد صدى أصواتها في جنبات القصور، وغص الأولمبياد بمن جاء من القرى والحضر ليرى المشهد المروع

ويؤتى بالملكة إلى ساحة الموت فتقترب منها الأسود في بطء كأنها ترهب ترهب هذا الجمال وتدوي أصواتها كالرعد فيغشى على النساء ويخفى بعضهن عيونهن بأيديهن، وكلما ضاقت المسافة جفت الحلوق وذهبت الألوان حتى الإمبراطور لم يملك نفسه فتهف: (يا لهذا الجمال!)

ووقفت الملكة يتدلى شعرها الأسود اللامع على كتفيها العاجيتين تنظر إلى الأسود لا تجفل ولا تفزع كأنها مقبلة منها على صديق، فإذا لم يبق بينها وبين أول أسد إلا عشرون متراً رأته يقفز وبين عينيه سهم رائش نفذ في رأسه وراح يتخبط في الأرض، وذعر الأسود فتفرقوا شذراً. وبسرعة خاطفة سقط مارسيوس إلى جانب الملكة، وأخذ يذود عنها الأسود بالسيف، ويدفع زينوبيا إلى الوراء حتى إذا اقتربت من الحاجز رفعها أنصاره. . . وتراجع المنقذ ليلحق بها فأنشب فيه أسد جريح أظفاره وراح يعمل فيه

صرخ الإمبراطور: أليس لك رغبة ننفذها يا مارسيوس؟

فهتف بما وسعته قوته: زينوبيا

محمد محمد مصطفى

<<  <  ج:
ص:  >  >>