للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتقدير مواطنيك

فما سمع منها ذلك حتى هب لونه وتفصد جبينه عرقاً، حتى لقد ظنت الملكة أن فالجاً قد عالجه، واقتلع قدميه اقتلاعاً حتى دنا منها وسلك يديها البضتين في سلسلة من ذهب

وحالف النصر مارسيوس فاجتاح مصر وثأر لمواطنيه، وغدرت (دورا) ببيلنوس فأسلمته إلى مارسيوس

وهبت روما تستقبل من عجلت بفناء فلذات أكبادها أعواماً تلي أعواماً، وكان الناس يؤذونها بما يرمونها به من فاحش القول وبذئ الفعال؛ على أنها كانت وسط هذا الضجيج رافعة الرأس هادئة البال، فكانت في محفتها ملكة لم يغير من أبهتها ما لاقته من هوان، فإذا ما بلغوا بها السجن ألقوها في قبو منه يعاف النوم فيه الكلاب. . .

قال الإمبراطور في مجلس الأعيان:

- سأرمي بها للأسود في ملعب الأولمبياد لتخف لوعة المحزون على ولده من شعبي

فضج المجلس بالاستحسان، واسترسل الإمبراطور:

- سيكون يوم موتها عيداً تقام فيها الصلوات للآلهة شكراً، وسأضع بيدي هاتين الغار على رأس مارسيوس العظيم!

وعجل مارسيوس العودة إلى روما إذ دعاه إمبراطوره. ولما علم بالعزم على طرح زينوبيا فريسة للأسود اشتد وجيب قلبه، حتى خيل إليه أن صوت هذا الوجيب قد طغى على أصوات الجماهير التي تزخر بها جوانب الطرق. وكان يبسم للشعب وقلبه، يقطر كمداً. وقبله الإمبراطور فأحس كأن عقرباً قد لدغته، ووضع على رأسه الغار فشعر كأن ناراً توضع على جبينه. . .

وأحنى مارسيوس هامته حتى كادت تلامس الأرض، وطلب إذن الإمبراطور له بالكلام فأذن:

- خدمت مولاي ثلاثين عاماً أو تزيد لم ألتمس فيها شيئاً ولي الآن حاجة. . .

فقاطعه الإمبراطور:

- كل خزائن الدولة وهن رغبتك

- ليس لي بها حاجة

<<  <  ج:
ص:  >  >>