ألا فاعلموا أن بعد الموت حساباً، وأنكم ستسألون يومئذ عما فعلتم بعلمكم.
الدين صحيح مدعم بالحجج القاهرة والبراهين القاطعة، وعقول الناس مهيأة لتلقيه متى حسنت طريقة تلقينه. فهلا قمتم من رقادكم، وأفقتم من غفوتكم، وجمعتم صفوفكم، وتدارستم أمركم بينكم، ثم استنبطتم وسائل جديدة للدعاية لدينكم، ثم ألفتم لجاناً وجمعيات وعلمتموه للناس وحببتموه إليهم.
لا تحصروا نشاطكم في وعظ من بالمساجد، فلا يؤمها إلا الصالحون أو المتشبهون بالصالحين.
علموا الناس حيث وجدتموهم. علموهم في دور الملاهي والصور المتحركة والمقاهي والحانات والمنتديات والمتنزهات. عظوهم في الشوارع والأزقة والمآتم والأفراح. عظوهم في الصحف والكتب والمجلات والمذياع وعلى الشاشة البيضاء.
لا تقولوا لهم إن الله أمر بقطع يد السارق، وقتل القاتل، ورجم الزاني، ولا تقولوا لهم أدوا الصلاة في أوقاتها، وأخرجوا زكاة أموالكم، وصوموا وحجوا؛ ولكن بينوا لهم الحكمة في كل شيء، واشرحوا لهم الضرر في إتيان ما نهوا عنه والفائدة في اتباع ما أمروا به، وعرفوهم ما يلاقيه المتدين من انشراح صدر وجميل عزاء ونعومة بال.
صفوا لهم الرجل الكامل (الأسبور والجنتلمان)، وقارنوا بينهما وبين متخلق بأخلاق القرآن، وأروهم الفروق بينهم، واشرحوا لهم أن الدين لا يتنافى مع المدنية الحقة إن لم يكن أصلها ومبدعها.