للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غيرهم والذين ما غرر بالناس إلا من طريق الانتساب إليهم. ولن يغني البشرية شيئاً انتفاعها المادي من علوم الطبيعة مادامت لا ترى اليد الجبارة التي تدير قوانينها، ولا تسجد لها طوعا كما تسجد كرها. وها نحن أولاء نرى الإنسانية تستحيل إلى قطعان من الحيوان لها من العلم الطبيعي سلاح لا تلطف وقعه تلك الفكرة الرحيمة التي تستمدها الضمائر من (رحمان) ولا يصده خوف من (جبار) ولا يمنعه خشية (من قيوم) على السموات والأرض، (ديان) للخلائق!

وإذا كان علماء الطبيعة من غير المسلمين لا يعترفون بإله معابدهم لأن له صورة غير صورة الإله الذي يجدون يده في الطبيعة فهم لذلك بعيدون عن محيط الدعوى إلى الإيمان والدين. . . فان من حسن الحظ في الإسلام أن إله الطبيعة الذي وصل إلى الإيمان به علماؤنا عن طريق الطبيعة. . . هو ذاته (الله) كما يصفه القران الكريم الذي ما مجد الطبيعة وظواهرها وما دعا إلى تعرف أسرارها كتاب مثل ما دعا. . . بل لقد بلغ من اعتزازه بها انه لم يترك ظاهرة من ظواهرها إلا اقسم بها. . . فأقسم بالزمان والمكان والحيوان والنفس والفجر، والضحى والليل والنهار والشمس والقمر والرياح والنجم والشفق. . . إلى آخر ما في الدنيا من ظواهر الخلق والأمر. . . أفلا يجب بعد هذا أن يبين علماء الطبيعة المسلمون أسرار هذه الأقسام؟ بلى إن ذلك من أمانة العلم قبل أمانة الدين

(بغداد)

عبد المنعم خلاف

<<  <  ج:
ص:  >  >>