للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صورته: تلك المشيئة الهائلة العاملة التي لا تنام ولا تغفل، تلك الإرادة الواحدة التي تنتظم العالم جميعا ما عرفنا منه وما لم نعرف، تلك البصيرة النافذة في كل شيء، الشاملة لكل شيء التي هي ملء الأرض السموات التي أنا وأنت من بعضها، تلك الوحدانية الشائعة الجبارة الغامضة، هي الصورة التي شاء الله أن نراها منه)

وإذا بالدكتور ولي يقول (هنالك يشعر الباحث الذي لم يتحيز إلى أي مذهب فلسفي والذي جرد نفسه من المؤثرات التي انكبت عليه أن هنالك سلطة وان هنالك قدرة فوق كل هذه المحاولات، وتنزهت عن كل هذه الصفات التي تعودها في أثناء بحثه واستقرائه) إلى أن يقول: (فالله هو هذه القدرة الباهرة التي تجردت عن الماديات وتنزهت عن كل ما هو مألوف للحواس)

قرأت هذا ثم قرأت كتاب الأستاذ الغمراوي الذي هو حجة من حجج إيمان العلماء، فإذا بي في عجب وأسف من أمر هؤلاء الذين أم يعرفوا من العلم إلا قشوره وزيوفه وهم مع ذلك قد نصبوا أنفسهم دعاة للإلحاد وإنكار الله استنادا إلى العلم! هؤلاء أكثرهم من الأدباء طالبي الشهرة الذين يغرهم ما (يصنعونه) من الألفاظ ويخيل إليهم غرورهم وفتنتهم بما يقولون انهم متى صنعوا جملة من الألفاظ فان مواكب الزمان ستقف عن المسير، وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً، لأن أقلامهم هذه معاول فيما يخيل إليهم، إذا ما أعملوها في أهول الحقائق وأعظمها وأملئها للكون إلا وهي (فكرة الله) فان ذلك سيجعل البشرية تستجيب إليهم تاركة ما في صيغتها وما تنادي به الأكوان والأزمان من الإيمان!

اجل إن أقلامهم معاول ولكنها لا تهدم إلا ضمير الجاهل أو طالب اللذة الذي يريد أن يتحلل من قيود هذه الفكرة، ومن رقابتها.

فهل آن الأوان لأن يجرد علماء الطبيعة - لا علماء الدين - حملة تدعو إلى الإيمان بالله عن طريق العلم، حتى يدحضوا بها حجج أدعياء العلم والفلسفة ممن هم في الواقع أعداء الجماعة وأنصار فوضى الضمائر والأوضاع كالشيوعيين الذين يحاربون الإيمان بالله لأنه في زعمهم منشأ الأوتوقراطية فيجب أن ينزلوه - تعالى عما يصفون - عن عرشه، كما انزلوا القياصرة والمملكين!

إني اعتقد أن ذلك من أوجب الواجبات على علماء الطبيعة الذين يعرفون الله اكثر من

<<  <  ج:
ص:  >  >>