للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العربي من مضامين الكتاب عند ما يراد الكشف عن جريدة ومعرفة منشئها الأول وتاريخ صدورها والمدنية التي صدرت فيها الى غير ذلك من الفوائد. وفي الحقيقة إن اللبنانيين الأثر المحمود في إصدار الصحف في الشرق والغرب باللغة العربية، وكان للمؤلف الفضل الأوفر في تدوين أعمالهم والتدليل عليها بإحصاءاته المدققة، فله الشكر على هذه العناية وهذا الدؤوب

الأمير فخر الدين المعنى الثاني أعظم أمير عربي قام في النصف الأول من القرن الحادي عشر من الهجرة في جبل لبنان وما إليه من بلاد الشام. وكان واسع المدارك محباً للعمران والحضارة، انتفع بكل قوة وجدها أمامه، وإذ كان حكمه يتناول الدروز والشيعة والسنة والموارنة والروم الأرثوذكس وغريهم من النحل في الساحل الشامي، ويريد أن يرضي كل فريق تبعاً للسياسة التي جرى عليها، اتهمه بعضهم بأنه كان يذهب مذهب الدروز، وفريق بأنه كان نصرانياً، والحقيقة أنه كان مسلماً يرى رأي أهل الستة والجماعة، وكان قد لجأ إلى إيطاليا في أُخريات أيامه فأخذ معه إمامه وأنشأ مسجداً ومنارة في البلد الذي نزله حتى أن فتاة له ماتت هناك لم يرض أن يدفنها في أرض إيطاليا، وحملها معه إلى الشام لما عاد إليها لتدفن في أرض إسلامية. وأهل لبنان يتمجدون بالأمير المعني لأنه حكم النصارى فأحسن إليهم ما وسعه الاحسان، واعتمد في الحكم على بعض نبهائهم يومئذ. ولذلك كان من الواجب تدوين تاريخه، والجمهورية اللبنانية الصغيرة في إبان نشأتها تحاول أن تجعل لها تاريخاً تعتز به، وقد تخلقه خلقاً، فكيف بتاريخ رجل جدير من كل وجه بالتخليد؟ وهذا ما تمحض له زمناً الأستاذ عيسى إسكندر المعلوف، واستطرد في كتابته استطرادات كثيرة حتى جاء كتابه في ٤٤٦ صفحة، مستنداً فيه إلى مصادر لبنانية وغيرها، باحثاً عما يهم وما لا يهم من الحوادث التي لها مساس بحاكم حكم لبنان من سنة ١٥٩٠ إلى سنة ١٦٣٥م، وكان قضى في الآستانة مقتولاً سنة ١٠٤٥هـ. وقد حَلَّى المؤلف كتابه بصور أثرية قديمة تمثل حالة البلاد في عصر الأمير المعني، وشرح كل ما رآه جديراً بالشرح في الحواشي، فاستحق شكر الباحثين في تاريخ هذا الجزء الصغير من الديار الشامية

محمد كرد علي

<<  <  ج:
ص:  >  >>