وحدها ليست كافية فهي لم تتأثر بالقصة ولم تعش في هذه الشخصية وتحس بها وإلا لأبرزت ما يضطرم في نفسها من احساسات متباينة ولم تقصر همها على الإلقاء والبكاء وتبدو سطحية بكل معنى الكلمة
انظر إليها وهي تسرع بإلقاء كلماتها في الفصل الأول ثم وهي تقف خلف جان، ثم وهي في الحان لا تهتم بأن تبرز عاطفة، بل تهتم بالإلقاء، وفي هذا الفصل الثاني بينما يكون الموقف على أشد ما فيه من حياة بين الممثلين تراه فجأة قد برد عند دخولها واشتراكها في الحديث معهم واتهامها لهم، وكان الطبيعي أن يزداد حياة وقوة
كل هذه دلائل على أن دولت لم تستطع أن تسمو بالدور أو تؤديه على وجه مرض. على أني لا أبخسها مواقفها في الفصل الخامس منذ دخول جان وحوارها معه. ثم وهي تلقى علينا الرسالة التي تكتبها له فقد أجادت إلى حد بعيد. فهذه المواقف تلائم طبيعتها لأنها مواقف تخمد فيها العاطفة الثائرة ويعمل فيها العقل وتتغلب غريزة الأمومة والواجب؛ وهذا يؤيد قولي بصلاحيتها التأدية أدوار الأمومة
وكما أن دولت تكبر من سافو كذلك (علي رشدي) لا يصلح لجان، فليس هو بالشاب الريفي القوي، وليس بالجميل الذي يجعل إحدى النساء تصرخ:(يا للفتى الجميل) وهو مع هذا كان بعيداً عن الشخصية بعداً تاماً إذ كان عبداً لتعاليم المخرج حتى كأنه يحاول أن يبرز لنا عزيز عيد الشاب في صباه لا جان جوسان
قلت إن الشاب كان ريفياً قوياً جامد العواطف؛ فقد كان يجلس إلى مكتبه بينما سافو أمامه على كرسي فلا يتحرك إليها في تلهف بل يبقى مكانه يقرأ، وهكذا عكس ما أبرزه علي رشدي فقد كان في الفصل الأول متظرفاً ضعيفاً حتى كأنه باريس، بل وأكثر من ذلك كانت تبدو لنا منه جوانب الخنوثة وكان اهتمام علي بالإلقاء والصناعة أكثر من اهتمامه بإبراز احساساته وما يضطرم في نفسه من مختلف العواطف. ولست أسوق دليلاً أكبر من موقفه في الفصل الثاني حيث الفارق كبير بينه وبين منسي وعباس. وكذلك في الفصل الرابع ترى الصناعة واضحة يكشفها إلقاء عباس الهادئ الحزين الذي يؤدي بعاطفته
أكتفي بهذا اليوم وسأتحدث عن بقية الممثلين والترجمة كما أتحدث عن رواية المعجزة.