للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك الحكم استيقن أن أحدهم يفضل الموت على إصدار حكم مخالف للشرع في نظره. ولم يكن الخليفة يومئذ القادر بالله بقادر على إكراههم على القول بما لا يعتقدونه لأنهمكانوا أهل الحل والعقد في الدولة مع عظم منازلهم في الأمة، على أن القادر بالله لم يوصم في التاريخ بظلم ولا عدوان بل ذكر بالدين والتقوى. ومما يدل على بطلان دعواهم في الانتساب إلى محمد بن إسماعيل ابن جعفر الصادق: أن إسماعيل مات في حياة والده، ومحمد لم يعقب كما قال النسابون الثقات على ما هو مبسوط (في الفرق بين) وغيره، فصلتهم بإسماعيل بن جعفر الإمام كصلتهم بالإسلام. وقال ابن طولن في (اللمعات البرقية في النكت التاريخية) في ترجمة الحاكم: وكان هو وأسلافه يدعون الشرف ويقولون: أبونا على وأمنا فاطمة، كان في كل أسبوع يقول ذلك على المنبر، وكانت الرقاع ترفع إليه وهو على المنبر فرفعت إليه رقعة مكتوب فيها هذه الأبيات:

إنا سمعنا نسباً منكراً ... يتلى على المنبر في الجامع

إن كنت فيما قلته صادقاً ... فأنسب لنا نفسك كالطالع

أو كان حقاً كلُّ ما تدعي ... فاعدد لنا بعد الأب السابع

وزاد غيره:

أو فدع الأشياء مستورةً ... وادخل بنا النسب الواسع

فرماها ولم ينتسب فيما بعد. ولما دخل المعز العبيدي مصر وسُئل عن نسبه سل سيفه وقال (هذا نسبي) ونثر الذهب وقال (وهذا حسبي)

ثم إن الكاتب لو رجع إلى بعض كتب الأصول لعلم أن الأحكام الفقهية مسائل كلية لا جزئية، فلا وجه لا دعاء تأثرها بالظروف والأحوال فضلاً عن ادعاء الحاجة إلى نسخها بالاجتهاد، وإنما الأحكام الجزئية هي أحكام القضاة في القضايا الجزئية؛ ولعلم كذلك أن (الأحكام) في كلمته جمع محلى باللام فيفيد العموم، فيكون حملها على بعض الأحكام تراجعاً عن نص المدعى ودلالته. على أن القول بنسخ حكم من أحكام الشرع بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم مما لا يعلمه الدين الإسلامي، ولذلك ترى إجماع الأئمة خلفاً عن سلف على إكفار من يقول بذلك، كما في مراتب الإجماع لابن حزم وغيره

صلاح الدين شفيق

<<  <  ج:
ص:  >  >>