والرد على ما فيه؛ وهذا أسلوب القرآن الكريم؛ فسبحانه جل شأنه ساق آراء المشركين والمعارضين للإسلام وحجهم ودعاواهم وعقب عليها بالرد والتنفيذ. وهكذا كان شأن علماء الإسلام الأول يسردون أقوال معارضيهم ويردون عليها. وفي الكتب التي بين أيدينا آراء وأقوال لكثير من الطوائف الإسلامية رد عليها رووها وكان في هذا تنوير للباحثين والدارسين والوقوف على المزيف منها والسليم.
وقد أفاد هذا الأسلوب ونفع وأوجد ثروة واسعة للمكتبة الإسلامية وأدى إلى الوقوف على الحركات العلمية التي كانت موجودة في العهود السابقة. ولعل الأزهر لم ينس بعد الموقف الذي كان منه في سنة ٣٧ إزاء كتاب تاريخ بغداد ومصادرته ثم فك المصادرة عنه.
وانتهى الأستاذ الشيخ شلتوت من تقرير إلى الاقتراح باتباع أسلوب السلف في حماية العقائد والدين بتنفيذ ما يرى أن فيه مساساً بهما والرد عليه وعدم مصادرة الكتاب أو مؤاخذة الناشر على نشره وما جاء في مقدمته.
في نسب العبيدين
في العدد ٤٨٥ من الرسالة كلمة بعنوان (حول الفاطميين) تراءى كاتبها برأي ابن خلدون في تصديق دعواهم في نسبهم المخالف لجماهير أهل التحقيق في التاريخ والأنساب العلوية، قال ابن خلكان في ترجمة عبيد الله المهدي:(أهل العلم بالأنساب من المحققين ينكرون دعواهم في النسب). وابن خلدون ليس بأقل خطأ في رأيه منه في (العرب والحضارة) و (العرب والعلوم)، وأغلاطه في ما دونه من أخبار الشرق غير مجهولة. إلا أن له هنا دافعاً نفسياً أوقعه في الشذوذ عن الجماعة، كما نص على ذلك المؤرخ الكبير السخاوي في كتابه (الإعلان بالتوبيخ) نقلاً عن شيخه الحافظ بن حجر، وذكر فيه أيضاً سبب شذوذ المقريزي في ذلك
هذا ورد كل شيء إلى السياسة مضيعة للحقائق، وليست كلمة (الغاية تبرر الواسطة) سوى قاعدة (مكيفلية) واهية يبرأ منها علماء الإسلام في جميع العصور. والحكم الذي أصدره كبار الأئمة من علماء بغداد في تزييف نسب العبيديين وافقهم عليه علماء الأمصار كالقاضي أبي بكر الباقلاني وأبي منصور عبد القاهر التميمي وأبي المظفر الإسفرايني ومؤرخ الإسلام الذهبي وابن تيميه وغيرهم. ومن درس سير أولئك العلماء الذين وقعوا