(لم أنطلق معك يا توليق. . . وإلى أين؟! لم أعيش بعدها؟! لم أعيش بعد أن ذهبت بعيداً عني. . . إني عجوز زلن يهوني أحد ثانية. . . وإذا يهواك فليس ثمت خير في أن تعيش بهذا الكون!).
- (إنك ذو مال! وذو مجد يا أبت!).
- دعني ارتشف من ثغرها قبلة من قبلاتها نظير هذا المال). . .
هذا المجد. . . يا بني. إن الناس جميعاً أموات في هذه الحياة والحي منهم الذي يعشق النساء. . . إن الحياة هباء بغير النساء،
يا بني. . . بارك الله فيك وفي ملكك. . . في حياتك وفي مماتك).
واتجه السلطان شطر البحر. . . فصاح (توليق) في هلع (أبت. . . أبت. . .). ولم ينطق بغير هذا. . . لأنك لا تجد الكلمات تلفظها لرجل يلقى حتفه باسماً راضياً. . . رجل آيس من حياته.
- (دعني أرحل. . .) فقال (توليق): (الله يا أبت. . .)
- (أن الله يعلم، وسيغفر لي) وبخطا سريعة مضى السلطان إلى نهاية الصخرة. . . وألقى بنفسه إلى أحضان الوادي. . . لم يسمع شيء فقد عصفت الريح إثر موكب الموت وهو يمضي في جلال. . . وراحت الأمواج تدوم هديرها، وكأنها في عراك عنيف مع الصخور. . .
- وأخذ (توليق) ينظر ويطيل النظر إلى حيث الهوة السحيقة. . . إلى حيث الموت تحت قدميه. . . ثم ارتفع صوته جليلاً ورأسه إلى السماء:(يا إلهي. . . أسألك أن تلهم قلبي الصبر والسلوان. . . وأن تغفر لوالدي وتشمله برحمتك إنك غفور رحيم).
ثم مضى عائداً إلى قصره والصمت يحف به. . . حتى غيبه الليل في مطارفه. . .).