وتيقظ الخير من نومه العميق فقال في نبراته الحزينة.
- نعم. . . لقد أدركت الآن لم أجر ورائي مواكب الألم والحرمان لأني أفضلها على مواكب الوهم.
وسكت هاتف الخير وهاتف الشر وغرقت أصوات النفس في أصوات الحياة حينما امتلأت الحجرة بأشباح صغيرة. . . وقامت المرأة المعذبة تمسح دموعها وتستقبل لوناً جديداً من ألوان الكفاح والعناء.
ومرت الأيام والشهور وتزوجت الشابة الجميلة من شاب جميل. . . فهل ماتت الهواجس. . . وهل حصلت النفس على راحتها؟ لا يا سيدي. . . إن قصة الهواجس قصة حية خالدة ما خلدت النفس فيها هي صاحبتنا التعسة في (صالون) آخر ربما كان أبهى وأجمل من زميله القديم ولكنها لا ترى هذا الجمال ولا تشعر به بل ترى بعين النفس وفي مرآتها عشرات من أشباح النساء الجميلات تلتف كالأفاعي حول الزوج الجميل. . . وتسمع صوت إبليس يصرخ.
- إنه لم ينم هنا البارحة وتعلل بالأسباب والمعاذير. . . ولكن من يدري في أي أحضان قضى تلك الليلة. . . يا لك من ساذجة. . . لماذا لا تقابلين الخيانة بالخيانة. . . إن أمين يتمنى لو.
وتكاد تضعف وتخضع حينما تسمع صوت الخير يهتف.
- يا للمسكين. لقد بات ليلته مسهداً يفكر فيك ويستعجل أنوار الصباح ليلقاك. . . يا له من زوج وفي.
وتحار الزوجة التعسة وتتعذب، وليست هذه هي المرة الأولى التي تحار فيها وتتعذب. . . فقصة الهواجس تكون حياتها كما تكون حياة كل إنسان وحياة كل نفس فما أشقى نفوسنا نحن البشر وهي تتمزق تحت ضغط القوة الهائلة التي ركبت فيها.