- لقد فهمت الآن. . . فهمت الآن. . . ما أجمل كلام. . . انك حكيم
وسكت الخير قانعاً وانطوى في أعماق النفس بينما أخرج إبليس لسانه السليط وعاد يقول:
ولكن بالرغم من كل هذا الكلام فهناك لذة. . . أولى بالضعيف أن يقول:
(إنني بائس) من أن يقول: (إن الحياة مليئة بالبؤس) نعم صدقيني يا سيدتي إن الحياة مليئة باللذة وهي تنتظر إيماءة من رأسك الجميل لتقدم إليك الحب، تحية الجمال، واللذة ثمرته اليانعة الغضة. فلا تترددي وتذكري أن الزمن يرسم خطوطه الكريهة على الوجه الجميل، وينزع السواد عن الشعور الفاحمة ويطفئ بريق الحياة من العيون المليئة بالحياة. - كفى أيها الشرير. . . كفى.
- ويقوس الظهور التي لم تتعود ذل الانحناء ويتقل الأصدقاء ويشتت الأحباء، ويقدم الصاب والعلقم في كؤوس الوحدة والسأم والمرض وأخيراً يفتح لنا باب القبر على مصراعيه ويهيل علينا التراب. . . ذلك التراب الذي كنا نطؤه بأقدامنا.
- رفقاً بالنفس الضعيفة يا رسول السوء.
- وهو لا يرحم. . . فأولى بنا ألا نرحمه. . . وأن نقتله كسباً ولذة وحياة فعقارب الساعة لن تقف دقيقة واحدة من أجلنا والشمس لنا تقف عن دورتها يوما لتعطينا فسحة للتفكير.
- أنت. . . أنت هو العذاب والجحيم نفسه فكفاني من لهيب ألسنتك يا هاتف الشر. . . فلو لم تتكلم لكنت الآن سعيدة قانعة راضية. . . أما الآن. . . فالويل لي من جحيم النفس. . . الويل.
- عجباً من هذا الإنسان ومن منطقه الأعرج. . . أدفعه إلى اللذة فيقول إنني إبليس اللعين. . . ويسمع هاتفاً آخر يدفعه إلى الألم والعذاب والحرمان فيقول هذا ملاك الخير. . . أليست هذه كبرى مهازل العقل.
وسكت إبليس وهو يبتسم ويرقب الصراع الأليم والعذاب يتجسمان في ملامح المرأة التعسة والدموع تطفر من عينيها والعناء النفسي يبدو في أصابعها الشاحبة الباردة وهي تتصلب وترتعد في عصبية وسمعها تهمس وهي تبكي.
- حقاً ما أضعف الإنسان يشقى في الحياة ويعاني حتى إذا ما سكن وهدأ واستقر. . . شقي في نفسه.