للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الساطع. . . ولكن هناك زوجي. . . زوجي دائماً.

- آه، هذا الفراش العجوز الذي فقد جناحيه، يا للمأساة كم أضحك حينما أراه يتودد إليك وأسمعه يفتح فمه الواسع الخالي من الأسنان ويقول (أحبك). . . كم يبدو بشعاً قبيحاً ثقيل الظل. . . أليست هذه سخرية مريرة من سخريات الحياة، أين هو من فهمي وصبحي وصفوت من هؤلاء الشباب ذوي الخدود الوردية والدماء الحارة.

والضمير. . . أنسيته؟

- هذا المخلوق الهزيل الذي لا يني يحدثنا بالأباطيل ويهرب بنا من الواقع ليجد كنفاً أميناً في أحضان الخيال والوهم. . . إنه ألذع السخريات التي ابتكرها العقل ليحارب بها فطرة الجسم وطبيعته. . . إني أربأ عن الخضوع لهذا المرض الذي يسمونه الضمير.

- مرض؟!. . . يا للبشاعة؟!

- نعم إنه مرض عقلي. . . يقضي على كل راحة ولذة وصفاء وهناء في الحياة.

وسكت الشيطان بعد أن أوقعها في أحابيله وتركها تعاني الوساوس وتتقلب بين نوازع الشر وتبحث في أعماق نفسها المضطرمة عن الملاذ الأمين الذي تسكن إليه وترتاح إلى نجواه. . . وأخيراً جاءها صوت الخير رقيقاً ملائكياً.

- أنت أيتها الباحثة عن اللذة. . . هل وجدت لذة فيما سلف من أيامك.

- لا. . . ما وجدت إلا الألم.

- وحينما كنت تبلغين أمانيك.

- كانت تبدو هزيلة أمامي وتفقد سحرها الماضي فلا يسعني إبقاء على اللذة وخيالها الحبيب إلا الاستسلام إلى أماني ورغبات جديدة.

- وهكذا ظلت حياتك رغبات وآمال كاذبة، ولذة مفقودة لا تورث إلا الألم والحسرة.

- نعم هكذا ظلت دائماً. . . رغبة جائعة نهمة لا تشبع.

- ولن تشبع.

- نعم لقد بدأت أرى أنها لن تشبع.

- وهكذا الحياة. . . آلام تتفاوت مقاديرها. . . فحسب العاقل أن يخرج منها بالقليل من الألم. . . أما اللذة فهي غاية الأحمق ولن يحصل منها إلا على غاية الألم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>