هؤلاء العلماء أن نظفر بالشعب ونستحثه على السير إلى الأمام بخطوات أوسع، ولكن هذا لا يتم إلا إذا هيأنا أذهان المجتمع لإصلاحنا التهيؤ الكافي
ومن هذا نرى أن علماء الاجتماع لا يتفقون بعلمهم موقفاً عقيماً في وجه أي إصلاح بل أنهم يريدون أن يكون الإصلاح أساسه العلم الصحيح بأحوال المجتمع وميوله
وإذا رحنا نحن نوسع هذا القول ونقاربه من الموضوع الذي حدا بنا إلى كتابته وهو موضوع محو الأمية. فإننا نرى أن هذا المشروع يسير وفق قوانين المجتمع، فلقد أحسسنا برغبة شديدة في محو الأمية للاستزادة من العلم والسير في قافلة العالم المتمدن. ثم إن هذا المشروع لم يرتجل ارتجالاً بل أتى نتيجة لدراسة عامة شملت جميع النواحي الاجتماعية وخاصة الناحية الاقتصادية. زد على ذلك أنها عند عرض هذا المشروع على البرلمان المصري لم يعترض أحد على المبدأ مما يدل على أن هناك استعداداً لتقبله
وأخيراً فإني أعتقد أننا عملنا الدعاية الكافية له. وأن في مسارعة الهيئات المختلفة إلى تلبية ذلك النداء لدليلاً كافياً على أن الزناد كان متوقفا على إشعال الثقاب فقانون محو الأمية يوافق رغبات المجتمع إذن وهو بذلك يسير وفق قوانين علم الاجتماع التي قلنا عنها أنها تتطور على مرور الزمان وتختلف باختلاف المكان
أما إذا كان مخالفاً لرغبات المجتمع فما كنا نرى بالمرة صيحات الاستحسان له من كل مكان ومنها صيحة الدكتور مندور، وأظنه يعلم من تاريخ النهضة أولئك الرجال الذين أوذوا في سبيل دعواتهم لأنهم لم يمهدوا لها التمهيد الكافي مخالفين بذلك نواميس الاجتماع
فليطمئن إذن الدكتور مندور فإن أحداً لن يتأثر بدعوته الهوجاء في نبذ نظريات العلم لأن هذا يخالف قوانين المجتمع ولأن أحداً لم يبلغ من السذاجة مقدار ما بلغه رجله الفرنسي
وبعد فهذه كلمة قصيرة نكتفي بها اليوم ولدينا مزيد إذا أراد الدكتور مندور.