أو كقوله على لسان البطلة في قصة مع الريح:(قلت له مرة، هل تستمد الوحي من أغصان الشجر أو من أفواه النيل الجارية؟ إنك دائم ترويح النظر بين هذه وتلك. وكأني به ارتاح إلى ملاحظتي فابتسم ابتسامة رقيقة: من القلب وحده يستمد الإنسان وحيه)
أو كقوله على لسان تلك البطلة تخاطب أختها: كتبت لي تعنفني على استرسالي في معاشرة ذاك الشيخ الذي توسل بوعد الزواج بي للوصول إلى غاية تنفى نبالة القصد من الزواج فتنبهت. اطلقني ملامك الصارخ من البحر الخضم فصيرني كالضفدع أقفز على اليابسة ولا أجرأ على الابتعاد من المستنقع الآسن. . .)
وهكذا في أمثال هذه التعبيرات الموفقة في معارض شتى تتخلل الأقاصيص التي اشتملت عليها المجموعة
ولا حاجة بالكاتب إلى سبب يرجع إليه وهو يقدم قصته لقرائه بعد أن يكفل لهم المزيتين اللازمتين في كل كتابة لا في كتابة القصة وحدها وهما: صدق الرواية عن الحياة وحسن التمثيل لما رواه
وكلتا المزيتين بينة في قصص الأستاذ حبيب على ما نلاحظ خلالهما من هفوات لغوية تعهد في العصر الحاضر عند كتاب كثيرين، وتشفع لها هنا حسنات تميل إلى الرجحان ويخرج منها القارئ وهو رابح الميزان