التي تظهر في شكلها المادي المحسوس في الحج، وأن الكعبة من العالم الإسلامي بمنزلة القلب من الجسم، فالتوجه إليها في الصلاة والحج ذو حكمة بالغة. والقسم الثاني يتناول الكلام على (مقاصد الحج)، وفيه يرى الأستاذ أن الحج كفيل بتحقيق مبدأ الرجوع إلى طهارة الطبيعة الذي دعا إليه الفلاسفة أمثال روسو ولكنهم عجزوا عن تحقيقه، وأن الحج يستوفي مزايا نظام الكشافة ويربى عليها، وأن الحج رمز للجهاد الإسلامي في أسمى وأشرف معانيه، وأن موسم الحج جدير بأن يصبح مؤتمرا عاماً لنشر الثقافة بين المسلمين لو حرصت كل أمة إسلامية على أن تحج كل عام نفرا من صفوة رجالها يبادلون نظراءهم من حجاج الأمم الأخرى الرأي والمشورة؛ والأستاذ يرى أن هذه المقاصد كلها مما يندرج تحت مدلول قوله تعالى:(ليشهدوا منافع لهم)
على أن الجديد الممتع من هذه الرسالة هو قسمها الثالث، هو تلك الفصول التي عقدها الأستاذ لمناسك الحج وأسرارها التي خفيت على كثير من بحاث المسلمين حتى ذهب بعضهم إلى أنها أمور تعبدية توقيفية لا مجال لتفكير العقل البشري فيها؛ فالأستاذ يتناولها منسكاً منسكاً: من الإحرام، إلى الطواف حول الكعبة، إلى السعي بين الصفا والمروة، إلى الوقوف بعرفات، إلى رمي الجمار عند العقبة، إلى تقديم الهدي، إلى استلام الحجر الأسود والإهلال بالتلبية، فإذا هذه المناسك قد أفصحت عن سرها، وأبانت عن مكنون حكمتها. والحق أن هذا البحث ليكشف عن ناحية روحانية جميلة من نفس الباحث القدير
ثم يختم الأستاذ رسالته بمقترحات عملية يتقدم بها إلى الحكومات الإسلامية عامة والحكومة المصرية خاصة، راجياً الأخذ بها حتى ينتفع المسلمون بنظام الحج
وإن الذي يفرغ من قراءة هذه الرسالة ليتمنى أمرين: أن تجد دعوة الأستاذ ح. ع. من أولى الرأي في العالم الإسلامي آذاناً صاغية، وقلوباً واعية، وألا يحرم الأستاذ الشباب المتعلم المثقف من نفثات يراعه، فهو يراع يصدر عن فكر ناضج وعاطفة نبيلة.