وهناك ظاهرة في أدب تيمور يعيبها عليه بعض النقاد، وهي خروجه على حدود الحشمة والوقار والأخذ بما يسمونه الأدب المكشوف، وإنك لتجد شيئاً من هذا في قصة السجينة، وقلب غانية، وسراب؛ وتيمور يدافع عن نفسه بأن (الأدب ليس له عنده غير اسم واحد هو الأدب بمعناه الواسع، وليس له إلا هدف واحد هو الفن). وأنا لا أريد أن أفيض القول في الأدب المكشوف والأدب المستور فإن القول في ذلك يطول، ولكني أريد أن أقول: إن من الخطل أن نتخذ الدين والأخلاق ميزاناً من موازين النقد فنطمس شعر النواسي مثلا لما فيه من العهر والفحش، وإنما الواجب أن تصور الحياة بالأدب، وأن نقدر الفن للفن، وأن نفرق بين الأديب والواعظ، والظاهر أن القدماء كانوا أسمح منا نفوساً في ذلك، فقد عاب بعض النقاد شعر ابن حجاج بما تضمنه من فحش المعاني، فقال ابن سنان الخفاجي يرد عليه:(وليس الأمر عندي على ذلك لأن صناعة التأليف في المعنى الفاحش مثل الصناعة في المعنى الجميل، ويطلب في كل واحد منها صحة الغرض وسلامة الألفاظ على حد واحد. . .) فإن كان في قصص تيمور بعض النواحي المكشوفة فإن في الناس من يقبلها كما أن في الناس من ينكرها، وهي على كل حال ليست بعيب في يحصى على الرجل. . .
وأما بعد فهل استطاع تيمور أن ينجو من سنان هذا القلم؟ لقد حاولت أن أتلمس ما عليه فلم أقع إلا على هفوات طفيفة كأن يقول:(وكان كساب أفندي يرتدي زعبوطا!!) وأنا ما رأيت أفندياً يرتدي زعبوطا إلا في قصة تيمور
ثم هناك هفوات في اللغة والنحو قد يكون من السهل أن يتداركها الأستاذ في طبعة ثانية، وأنا لست ممن يتساهلون في الخطأ اللغوي والنحوي، لأن الكاتب الذي لا يراعي أشراط الكتابة هو فنان ناقص!! وإني لأشهد أن تيموراً قد ارتقى أسلوبه عن ذي قبل، وهو كل يوم في تقدم مطرد، وإني لأرجو له تقدماً أوفى وأتم.