نعم. . . إن هذه الأعين المرسومة بالدهان على الورق الجامد لتبدو لي، وكأنها حية، وإنها ستحيى إلى الأبد.
آه. . . يا له من سحر، يخدر الأعصاب، ناعم كمرور النسيم كصوت القبلات، محرك للعواطف كلون السماء عند الغروب. . . آه. . . إن هاتين العينين لتشبهان الليل الذي يعقب الغروب. . . وما أجمل الليل، وما أجمل الغروب!
من هذا الإطار العابس، تنظر إليك هذه العيون في رقة وحنان. . . نعم، إن هذه العيون التي أبدعتها يد الفنان على الورق بعدة حركات من ريشته، لتبدو لي هي الأخرى، مفعمة بالأسرار. . . أسرار المرأة، الكامنة أو الظاهرة. إن هذه العيون لتحمل كل ما تستطيع المرأة التعبير عنه بنظراتها. هذه النظرات التي تنبه في قلوبنا الإحساس الأول للحب!
وأخيراً، انفتح الباب، ودخل منه السيد ميليال، فاعتذر لي عن تأخره، فصافحته وأنا أعتذر إليه بدوري عن تبكيري في الحضور. ثم سألته أن يغفر لي تطفلي، ويجيبني عن سؤالي عن صاحبة الصورة، ومن عساها تكون، فقال (إنها والدتي. . . ماتت في ريعان الصبا وميعة الشباب!).
وعندئذ. . . عندئذ فقط انكشفت لي كل الأقنعة عن سر جاذبية هذا الرجل، وتأثيره على النساء!