للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو قوله في قصيدة العودة صفحة (٣٠)

وقفنا في جوار اليم سكرى ... كسكر الناظرين إلى الرحيق

نرى في البر ألوان التناجي ... وفي البحر المشارف والعميق

البحر المشارف والعميق، وسكر الناظرين إلى الرحيق، لا يكملها إلا قوله

وأبنا أوبة المحزون لكن ... بنا طرب من الأدب الحقيقي

أو قوله

وتمضي الغانيات على تثن ... تثنى النور في الجو الصفيق

الحق أن الجو الصفيق والأدب الحقيقي. والبحر المشارف والعميق والرحيق إذا زف بعضها إلى بعض خرج شيء ليس في الحسبان هو قصيدة العودة.

أنا لا أريد أن اذهب إلى كثير من شعر الديوان فبعض يجزي عن بعض، بل لا أريد أن أطيل الحوار في قضية يراها الدكتور قضية ذوق، وأنا أراها أدبية عربية، تهم الناطقين بالضاد جميعا، فما كانت الكلمات تتلاعب بالشاعر، فتسخره ولا يسخرها، وأنا أومن إيمانا واثقا أن كلمات الشعر يجب أن تكون كالكلام المنزل، لو رفعت كلمة من بيت فلن تجد في اللغة بأجمعها كلمة تحل مكانها وتؤدي المعنى الذي كانت تؤديه الأولى، بل أنا افرق كثيراً من أن توضع الكلمة في غير موضعها فيبخس حقها، ويبخس المعنى حقه بل ما رأى الدكتور في قرط جميل من الماس الفاخر تعلقه أنثى في اسفل ذقنها؟ إنها تشوه جمالها، ويضيع قدر الماس الثمين، فما للدكتور يسوق الكلام فيمواضعه وفي غير مواضعه، بل ما يلجئه إلى كثرة الإنتاج هذه، وللقليل الناضج خير من الكثير الفج، وأنا أرجو أن أكون مخلصا كل الإخلاص في قولي، جريئا كل الجرأة في تعبيري، فقد كفى هذا التبلبل في الأدب العربي، وينهض ولكن ليقعد، ويسير ولكن، إلى الوراء، ينتج الأديب أو الشاعر، ويظن انه فوق النقد، ولو عرف أن النقد سيتناوله في عنف وفي قسوة ما انتج إنتاجا كهذا، ولحاول أن يكون مدققا اكثر مما دقق.

حلب

(المرتيني)

<<  <  ج:
ص:  >  >>