الكبير، إخراجاً جديداً، وسلخوا في ذلك عشر سنوات، هبط بعدها عدد أجزائه إلى الخمسمائة.
وقال (السكرتير مبتهجاً):
- أعتقد يا مولاي أننا قد نجحنا - هذه المرة - في مهمتنا فقال الملك مبتسماً:
- لا يبتعثن في قلبك اليأس أيها السيد أعتقادي عكس ما تظن - إنني اليوم في خريف العمر أبهذا العالم الجليل، فإذا، رغبت إليك - للمرة الأخيرة - أن تنصرف وزملائك إلى معاونتي في تحقيق أمنيتي في مراجعة تاريخ عظماء الرجال قبل أن يداهمني الموت، فعسى أن تنهضوا بتكرار المحاولة غير آسفين ولا قانطين! وإني لفي الانتظار.!
تجرمت خمس سنوات، عاد بعدها (سكرتير الأكاديمية) إلى قصر الملك. كان قد هده الكبر وقوست ظهره السنون؛ وكان - وهو يرقى سلاليم القصر - يضم إلى صدره - بذراعين معروقتين واهنتين - سفراً كبيراً ضخماً!
ولقيه أمين الملك، فصاح به في نبرة لهيفة. . . حزينة:
حث الخطى أيها الشيخ؛ إن الملك يحتضر. .!
كان الملك يرقد على فراش الموت، في رعاية أملاكه، يعالج آخر سكراته؛ فسيستدار في إعياء، ونظر بعينين خبأ فيهما بريق الحياة. . . إلى العالم وسفره الضخم، ثم غمغم في تثاقل وصدره يموج بالتنهدات: هأنذا أموت، دون أن ألم بتاريخ الرجال!
فسكت العالم برهة، إجلالاً لرهبة الموت، ثم رفع رأسه في بطء وعيناه مخلتان بالدمع، ليقول للملك المحتضر. . . آخر ما صك أذنيه من كلمات:
- ايها الملك لقد ناشدتنا - غير مرة - أن نجمل لك تاريخ الرجال الأبطال الذي قضوا كما تقضي أنمت الساعة. ألا فأعلم - أيها الملك العظيم - أن تاريخ هؤلاء الأبطال ليوجزون في هذه الكلمات: لقد ولدوا، وتألموا، ثم ماتوا!
عبد العزيز الكرداني