للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بيرام). . . ولقد طغت عليه موجة من الخوف والحزن كادت تعتصر قلبه، وتسلبه شعوره، حينما دقت الساعة الأولى بعد منتصف الليل، فأخذ يدور في الحجرة في غير وعي؛ وظل هذا حاله إلى أن دقت الساعة دقتين فثاب إليه بعض الرشد وقصد إلى حجرة الأضياف وأطل منها على الطريق غير عابئ بقارس البرد؛ فإن حرارة جسمه، وثورة غضبه، وإشفاقه من أن يتحكم فيه سوء الطالع وتلعب به يد الأقدار، جعلته في حالة لا يحس معها برداً. . .

أمسكت السماء عن المطر، وانجابت السحب في بعض الأماكن، وأرسلت النجوم من عليائها على الأرض ضوءاً خافتاً ضعيفاً، ومضى الوقت وئيداً وئيداً، واشتد الحزن بفريد شيئاً؛ فشيئاً؛ فملأت الدموع عينيه وضاق به المكان، فرجع ثانية إلى حجرة المائدة، ووقف بجوار الموقد - وقد نسي أن يضع عليه وقوداً - جامداً كالتمثال، إلى أن طلع الفجر، واستنار الكون فأيقن أن رجاءه قد خاب، وأن أمله قد ضاع لأن (بيرام) لم يرجع.

(يتبع)

<<  <  ج:
ص:  >  >>