- أتوسل إليك. . . قل لي أكان هذا الخط المخيف مقدراً له؟ ولكن لا. . . أليس كذلك؟ تكلم. . . ألا تريد أن تجيب؟ آه. . . وقطعاً للشك خذه. . . كي لا يعرض نفسه للخطر، وكي لا يجابه مصائب وكوارث كالتي رأيت. إنني أكن من الحب لهذا الطفل العزيز - البريء من كل جرم، والبعيد عن كل إثم - أكثر مما أكن لنفسي. خذه. . . وليبق الحزن والأسى لي وحدي. اذهب به إلى عالم السماء والخلود. . . وانس الدموع الغزار التي سكبتها، والتضرعات الحارة التي توجهت بها إليك. . . إنس كل ما بدر مني من صنيع أو قول.
فقال لها الموت:
- ولكني لا أفهم مبتغاك!. . . أتريدين استرداد ولدك؟ أم تريدين أن آخذه إلى المكان المجهول الذي لا أستطيع أن أحدثك عنه؟
فجثت الأم حينذاك على ركبتيها ورفعت يديها، وجأرت إلى الله بدعائها:
- (رباه! لا تصغ إلىّ إذا التمست في أعماق نفسي ما يخالف إرادتك وينافي مشيئتك اللتين هما من أجل صالحنا ونفعاً أبداً. لا تصغ إلىّ ولا تستجب مني يا رباه. . .)
وسقط رأسها بهدوء وبطء على صدرها، وغرقت في لجة من الحزن العميق والغم الشديد.
ودنا الموت من النبت الجميل الصغير واقتلعه. . . وذهب به إلى الحديقة ليغرسه فيها. . .