في الشرع بمقدار معين، في طرف الزيادة، ويتقدر في طرف النقصان بدينار؛ وطلب إلى الخليفة أن يتضاعف على كل شخص منهم ما يؤخذ منه. وقال انهم ضروب وأقسام، منهم من هو في خدمة الديوان وله المعيشة السنية غير بركة يده الممتدة إلى أموال السلطان والرعية من الرشا والبراطيل؛ ولعل الواحد منهم ينفق في يومه القدر المأخوذ منه في السنة؛ هذا مع ما لهم من الحرية الزائدة والجاه القاطع والترقي على رقاب خواص المسلمين. . . ثم ليس لهم في بلد من الحرمة والجاه والمكانة ما لهم في مدينة السلام، فلو تضاعف المأخوذ منهم مهما تضاعف كان لهم الربح الكثير؛ ومنهم الأطباء أصحاب المكاسب الجزيلة بترددهم إلى منازل الأعيان وأرباب الأموال ودخولهم على المتوجهين في الدولة؛ والناس يتحملون فيما يعطون الطبيب زائداً على القدر المستحق، وهو أمر من قبل المروءات، فلا ينفكون عن الخلع السنية والدنانير الكثيرة، والطرف في الموسم والفصول، مع ما يخطئون في المعالجات ويفسدون الأمزجة والأبدان، ويخرج الصبي منهم ولم يقرأ غير عشر مسائل حنين، وخمس قوائم من تذكرة الكحالين، وقد تقمص ولبس العمامة الكبيرة، وجلس في مقاعد الأسواق والشوارع على دكة حتى يعرف، وبيديه المكحلة والملحدان، يؤذي هذا في بدنه، ويجرب على ذا في عينه؛ فيفتك من أول النهار إلى منزله ومكحلته مملوءة قراضة، فإذا عرف بقعوده على الدكة وصار له الزبون قام يدور، ويدخل الدور. ثم ذكر أصناف الحرف التي كان يحترفها أهل الذمة في ذاك العهد ويغشون فيها. وهذه الرقعة أو التقرير على ما يلمح فيه من التعصب يحمل حقائق من وصف المجتمع البغدادي في القرن السابع. وهذا التاريخ مجموعة حوادث وأفكار مهمة جداً. وقد قدم له العلامة رضا الشبيبي من علماء العراق مقدمة ذكر فوائده؛ ونظر فيه وعلق عليه الأستاذ مصطفى جواد.