للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عدمت فؤاداً لم تبت فيه (فضلة) ... لغير الثنايا الغر والحدق النجل

يدل على أنه يريد أن لا يكون قلبه قاصراً على حب النساء، بل يجب أن يكون فيه (فضله) لغير حب النساء. فظاهر من هذا أن المقام الأول هو لحبهن، والفضلة لغيرهن

٣ - قول المتنبي (وما العشق إلا غرة وطماعه) وقوله: (مما أضر بأهل العشق أنهم)، وأمثاله، لا يدل على أنه غير عاشق. بل هو أقرب إلى أن يدل على أنه عاشق برح به العشق وكوى كبده، وذاق حلوه ومره، لكنه رجل غلب عليه العقل وقوة الإرادة، فهو يريد أن يداوي نفسه من عشقه بمثل هذه الأقوال، وكثير ممن جربوا الحب وخابوا فيه أو لم يصلوا إلى نتيجة رجعوا على أنفسهم باللوم وعلى الحب بالتنقيص

٤ - وأما الأبيات التي ادعى فيها العشق؛ فأنا أفرض مع الأستاذ أنها لا تدل على العشق، كما يقول المتنبي نفسه (أكل فصيح قال شعراً متيم؟) إلا أنني لا أستطيع أن أمر بأشعاره المشتملة على العاطفة الصحيحة من مثل قوله: (ما لاح برق أو ترنم طائر) إلى آخر ما ذكره الأستاذ في هذا الصدد. أقول لا أستطيع أن أمر بهذا، دون أن أشعر بأن المتنبي كان محباً صادقاً

٥ - الحب عاطفة إنسانية أصيلة لا يحرمها إلا من مسخ قلبه، ولا يكون المتنبي - وهو من هو - كذلك، فهذا وحده كاف للتدليل على أن المتنبي أحب، وأنه أحس بلواعج الوجد، وتباريح الغرام. والآن آن أن أقول إن اللغز في حب المتنبي، ليس هو الحب نفسه، ولكن من هو الشخص الذي أحبه المتنبي. وقد أجاب عن ذلك الأستاذ محمود محمد شاكر. ببحث فيه مجال للبحث.

(اللد - فلسطين)

داود حمدان

<<  <  ج:
ص:  >  >>