ووصف في حوادث سنة سبع وتسعين وخمسمائة الغلاء الذي حدث في مصر حتى أكل الناس الميتات وأكل بعضهم بعضاً وتبع ذلك فناءٌ عظيم، وتمادى الحال ثلاث سنين متوالية لا مدُّ النيل فيها إلا مداً يسيراً، وشنع الموت في الأغنياء والفقراء فبلغ من كفنه العادل من الأموات في مدة يسيرة نحواً من مائتي ألف إنسان وعشرين ألف إنسان، وأكلت الكلاب بأسرها، وأُكل من الأطفال خلق كثير، وصار الناس يحتال بعضهم على بعض ويؤخذ من قُدر عليه فيؤكل، وإذا غلب القوي ضعيفاً ذبحه وأكله، وفقد كثير من الأطباء لكثرة من كان يستدعيهم إلى المرضى فإذا صار الطبيب إلى دار المريض ذُبح وأُكل. وهذا الوباء والغلاء يشبهان ما وقع من مثلهما في أواخر عهد الفاطميين في مصر والشام
ويطول بنا المقال إذا أردنا الاستكثار من الاقتباس من كتاب الملوك، وقد استفدنا منه أنهم كانوا يطلقون على النبيلات من ربات الحجال (الستر العالي الصاحبة فاطمة)، (الستر العالي الصاحبة غازية خاتون)، (الستر الرفيع فلانة) كما نقول اليوم (صاحبة العصمة)، وكنت قرأت على حائط فناء مدرسة الفردوس بحلب:(هذا ما أمرت بإنشائه ذات الستر الرفيع والجناب المنيع الملكة الرحيمة عصمة الدنيا والدين، ضيفة خاتون ابنة السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب. . .)