للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السفينة وهي مقلعة وسائرة برهة في الطريق الذي تسير فيه السفن إلى وطني. . . سأركب هذه السفينة يوماً ما. . . وأعود إلى وطني، وأرى بافلوفنا، وسونيا، وأولجا مرة أخرى. . . إنني أجيء إلى هنا كل أسبوع وأرقب السفن وهي مبحرة وأتخيل إلى ذلك اليوم سيأتي ولا بد أن يأتي. . . فلا تحسبن أنني جئت أودع الصعاليك أمثالك!. . . فاستغرقت في الضحك.

- لا تقولي هذا يا كاترينا. . . إنني مسافر اليوم وسأعود غداً لأراك ولا بد أن نلتقي ثانية.

- حقاً. . .؟

- أجل. . . لا بد وأن أعود في العام المقبل وكل عام بعده لأرى كاترينا. . .

- والآن اصمت واقترب. . . أرأيت؟ إننا لا نستطيع أن نتصافح. . . انتظر لا بد من ذلك. . .

واحمر وجهها ولمعت عيناها، وظهرت في أبدع ما كونها الله. . . فقد اختلجت شفتاها، وتهدل شعرها، ورف لونها، وتورد خداها. . . وعلت أنفاسها، ومالت برأسها إلى الوراء، وارتفعت بجسمها قليلاً. . . وانحنيت عليها. . . والتقت يدانا. . . وتصافحت أنفاسنا. . .

ودوى صفير الباخرة. . . وتراجعت كاترينا. . . ووقفت جامدة كالتمثال. . . وعيناها مخضلتان بمثل الدمع. . .

وشيعتها ببصري وهي تصعد المنحدر الذي جاءت منه. . . ولكنها لم تكن تمضي مسرعة. . . بل كانت تسير على مهل كاسفة البال حزينة، كأنها استفاقت من حلم. . .

محمود البدوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>