للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى العدول عن الرحيل.

ثم شاهدت نادنكا تقبل نحو الطنف، وتحدج السماء بنظرة حزينة والهة. كان النسيم يهب على وجهها الشاحب فيذكرها بالريح التي كانت تزأر في وجهينا فوق الهضبة الثلجية عندما كانت تستمع إلى تلك الكلمات الثلاث. وكسا وجهها حزن بالغ وانحدرت الدموع على خدها، ومدت الطفلة المسكينة ذراعها كما لو أنها تتوسل إلى النسيم أن يأتي بتلك الكلمات وفي هذه اللحظة همست قائلاً (إني أحبك يا ناديا!)

يا لرحمة الله! أي تغير ذلك الذي طرأ على نادنكا! لقد ندت عنها صرخة، ثم ابتسمت ابتسامة أشرقت على وجهها، وبدت تغمرها البهجة والسعادة والجمال. وجعلت تستقبل النسيم بذراعيها وذهبت أحزم أمتعتي. . .

كان ذلك منذ أمد بعيد. أما الآن فقد تزوجت نادنكا. . تزوجها سكرتير أحد النبلاء ولها الآن أولاد ثلاثة. .

ومع ذلك فإن ذكرى تلك الأيام التي كانت تذهب معي فيها للانزلاق، فتستمع إلى الريح تهمس إليها (إني أحبك يا ناديا!) هذه الذكرى لم تغب عن بالها مطلقاً، لأنها في عرفها أجمل وأسعد بل أكثر الذكريات تأثيراً في حياتها. . .

بيد أن، وقد بلغت الآن من الكبر عتيا، لا أستطيع أن أفهم لماذا تفوهت بتلك الكلمات، وماذا كان باعثي على هذه المزحة!؟

محمد فتحي عبد الوهاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>