ففي بقائهما موجودين: فهما إذاً في هذه الحال اثنان متباينان متمايزان، وهذا التمايز ينافي الاتحاد، لأن الاتحاد يستلزم أن يصبحا واحداً
وفي عدمهما معاً يبطل الاتحاد، لأن المعدوم لا يتحد بمعدوم، وفي حالة عدم أحدهما فقط فإن الاتحاد لم يتحقق أصلاً
أما وحدة الوجود فمذهب أحدثه في الإسلام متأخرو الصوفية المتكلمون فيما وراء الحس، وخلاصته أن الله تعالى هو الموجود المطلق وأن غيره لا يتصف بالوجود أصلاً، فلو قيل إن الإنسان موجود فمعنى ذلك عندهم أن له تعلقاً بالوجود وهو الله تعالى. وإن جميع العوالم سواء اختلفت أنواعها وتباينت أجناسها وأشخاصها موجودة من العدم، وإن وجودها هذا محفوظ عليها بوجود الله تعالى وليس بنفسها لأنها معدومة من جهة نفسها بعدمها الأصلي، ومن ثم فوجودها الذي هي به موجودة في كل هو وجود الله تعالى فقط، وإن الوجود الحق هو عين ذات الحق أي الله تعالى، وهو واحد لا ينقسم ولا يتبعض ولا يتجزأ ولا يتنقل ولا يتغير ولا يتعدد أصلاً، ثم هو مطلق عن الكيفيات والكميات والأماكن والأزمان. . .
هذه خلاصة وحدة الوجود، وإننا لا ننكر كون العالم موجود بقدرة الله وإرادته، ولكن يجب أن نفرق بين وجود الله وهو وجود أزلي لا بداية له ولا نهاية، ووجود العوالم وهو وجود حادث له بداية ونهاية
ثم إننا أيضاً نسلم بأن وجود العوالم مسبب عن الله تعالى ولكن لنا أن نقرر أن هناك فرقاً كبيراً بين السبب والمسبب والعلة والمعلول
وأغرب ما في الأمر أنهم بعد أن أثبتوا أن وجود الله (لا ينمو ولا يتبعض ولا يتجزأ) أجاز لهم منطقهم بعد ذلك توزيع هذا الوجود على أفراد الموجودات، وحلوله فيها حلولاً أزلياً!!
وبعد: ففي هذا القدر الكفاية، وللأستاذ الفاضل دريني الشكر على غيرته، وللأخ الكريم الأستاذ زكريا الإعجاب بحيويته. ألهمنا الله الصواب