للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- (حسن. . والآن.)

- (الآن حينما. . أفيق أنا وزوجي (العزيز) في الصباح بعد نوم هادئ مطمئن لا ينغصه الخوف ولا الفزع. . نتبادل كلمات الحب وعبارات الود. . . وبدأنا نحيا في هدوء وسلام لا تعكر صفوة تلك الأسباب التي كانت تثير النزاع والشقاق بيننا.

ليس علينا من واجب سوى خدمة ذلك السيد الكريم الذي أحسن إلينا. . . فنحن نتفانى في العمل لصالحه. . . حتى لا يحس في وجودنا مضرة به أو ثقلاً عليه. . . ونتناول غداءنا هنيئاً مع أكواب (الكميس). . . وقد توفرت لدينا الأخشاب التي نطعمها النار ونستمتع بدفئها إذا ما اشتدت وطأة البرد ويأتينا سيدنا بالثياب ذات الفراء التي تعوزنا.

أما الوقت فقد بتنا نجد فيه ما يتسع لحديث كل منا إلى الأخر في ود. . و. . غزل. . فنفكر في أنفسنا ونتعبد متقربين إلى الله نسأله الصفح والغفران عما ارتكبناه من الخطيئات. . نعم لقد سعينا خمسين عاماً في سبيل السعادة فلم نجدها إلا الآن!.)

فضحك الأضياف. . ولكن إلياس ما لبث أن قال لهم في صوت ذي جرس هادئ وإن شاعت فيه رنة العتاب:

(ليس ثمة مجال للضحك!. أيها الرفاق. . فليس هذا الحديث مثاراً للضحك والهزل. . بل عبرة وعظة. . إنها حقيقة الحياة. . لم ندركها إلا حينما توج رأسانا المشيب. .

لقد كنا نحن كذلك سخفاء وحمقى حينما بكينا طويلاً على ما ضاع من ثروة وعلو شأن. . . ولكن الله - تعالت قدرته هدانا الآن إلى الحقيقة. . فما أجملها وما أجلها. .

إنا لا نذكر هذه الحقيقة لكم ابتغاء السلوى والعزاء لنا ولكن نجلوها على أسماعكم لهدايتكم وخيركم!.)

فقال (الملاح) وقد اغرورقت عيناه بالدموع: (إنك لعلى حق يا إلياس. . إنه حديث الحكمة والموعظة. . وقد جاء ذكره في الكتب المقدسة التي نزلها الله ليهدي بها عباده. .)

وأمسك الأضياف عن الضحك. واستغرقوا في فكر عميق.

(القاهرة)

مصطفى جميل مرسي

<<  <  ج:
ص:  >  >>