الكولونل فرار بدراسة الإسلام في الهند وعلى الخصوص علاقته بالناحية السياسية، أما الأستاذ برج فقد اتخذ إندونيسيا موضعاً لبحثه، وقدم الأستاذ جب هذه الدراسات في فصل طويل ممتع عن الإسلام والحالة في العالم الإسلامي
فهذا كتاب جدير بالدراسة، حري بأن يقرأه الأديب المسلم ليرى رأي علماء المشرقيات، أو بعبارة أخرى ليرى مقدار فهمهم للعالم الإسلامي، ونزعتهم الفكرية أثناء الكتابة عن أحوال الإسلام، وسيرى فيه كثيراً من الأفكار الدقيقة والنقط الهامة الجديرة بالبحث والتحليل كما أنه سيرى بعض أغلاط المستشرقين في نظرتهم إلى العالم الإسلامي، فكثير منهم يقف من هذا الموضوع موقف من يزور مدينة كبيرة لأول مرة فيكون أسرع من أهلها أو أكثر تأثراً منهم بمواضع الدهشة والقوة فيها، على حين أنه يغفل عن كثير من نواحي ذاتيتها ومعاني روحها وألوان شخصيتها مما لا يستطيع معرفته حق المعرفة إلا أبناؤها الخلص
أما عن التعريب فآثار العناية بادية في الموضوعات كلها على العموم، وإن كان المعرب أحياناً يتأثر بالتركيب الإنجليزي والأخيلة الإنجليزية في طريقة سياق الأفكار وتسلسلها في الجملة الواحدة فتلتوى العبارة العربية التواء يلبسها الروح الإنجليزي، مما يسبب صعوبة فهمها أحياناً، أو يخرج بها عن المراد منها أحياناً أخرى. خذ لذلك مثلا قوله:(ولعل من سداد الرأي توقعنا أن يكون انتشار الإسلام على هذه الأصقاع الشاسعة واشتماله على أجناس كثيرة وتقاليد قديمة أمرين سيحولان دون بلوغ وحدة حقيقية في المدنية الإسلامية، وإنه رغم اتحاد المظاهر الدينية فإن بقاء العادات التي رسخت قديماً وأساليب التفكير المختلفة في طبيعتها اختلافاً لا يدع لاتفاقها سبيلاً سيؤثر تأثيراً قوياً في ثقافة كل إقليم على حدة حتى لا يترك مجالاً لتقاليد شاملة ولا لأي وحدة تامة في الشعور وحتى يوجد عدداً من الثقافات الإقليمية الإسلامية)
على أن المعرب الفاضل قد أحسن صنعاً على أي حال بتقديم هذا الكتاب القيم إلى لغة الضاد