للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجنرال واقترب من الحديقة وكان الظلام يلف المنزل والسكون مخيماً، وبعد انتظار نصف ساعة دون أن يسمع صوتاً أو يرى شيئاً استدار عائداً، وتوقف عند النهر، وحدق فيه، وكان القمر يرسل أشعة على صفحة الماء والأمواج تداعب صورة القمر كأنما تريد لتحملها إلى بعيد، وفكر ريابوفتش (ما أحمقني!) ولم يعد الآن ينتظر شيئاً، وبدت له حكاية القبلة، وقلة صبره، وآماله الغامضة وخداعه لنفسه، بدا له كل هذا على حقيقته؛ ولم يبد له غريباً أن الفارس لم يأت لدعوتهم، وأنه لن يقابل الفتاة التي قبلته خطأ بدل شخص آخر، بل على العكس يكون من الغريب أن يلقاها مرة أخرى! وبدت له الحياة كلها مزحة كبيرة طائشة، ورفع عينه عن الماء ونظر إلى السماء وتذكر مرة أخرى كيف أن القدر في صورة امرأة مجهولة قد داعبه على غير انتظار؛ واستعاد أحلام الصيف وبدت له حياته تافهة تعسة لا طعم بها.

ولما عاد إلى حيث وضعوا خيامهم لم يجد أحد من الضباط هناك وأخبره جندي أنهم ذهبوا إلى منزل الجنرال فون رابك الذي أرسل لهم فارساً يدعوهم، وأحس بالفرح لحظة لكنه خنق هذا الإحساس في الحال، وكأنما ليعاند القدر الذي أساء معاملته هكذا لم يذهب إلى منزل الجنرال بل مضى لينام.

أحمد بدران

[

<<  <  ج:
ص:  >  >>