فمن الخير لشبابنا أن يقرءوا كتب النقد لتبصرهم بالجيد من الأدب الحديث حتى يسيروا على هدى وبصيرة فلا يضلوا الطريق
وليس في نقد الأستاذ سيد قطب للأدباء والشعراء والكتاب الذين تعرض لهم عنف أو قسوة أو اعتداء. بل لا على العكس من ذلك، تحليل هادىء، وتقدير صحيح، وميزان أقرب إلى الاعتدال فيه تشجيع ورفق. وهذه هي وظيفة النقد، لا يبتغي أن يقسو الناقد حتى يتهم بالتحيز والهوى، أو يسرف في التحية ويغمض العين عن المساوئ والعيوب وكذلك لا يجب أن يغضب الكاتب إذا انتقدت آثار، لأنها أصبحت ملك الجمهور، بل نقدها دليل على أنها شيء مذكور.
وهنا أحب أن أخالف الأستاذ سيد قطب في بعض أحكامه ولن يكون هذا الخلاف في ميدان الشعر بطبيعة الحال لأني أجهله.
أخالفه مثلا في تقديره لقصة قنديل أم هاشم من قلم يحي حقي، ليست القصة تحت يدي الآن، وقد قرأتها حين ظهورها في سلسلة اقرأ، وأذكر أنها تعجبني، ولا أزال أذكر الأسباب: منها أن الموضوع مطروق، ومع ذلك فليس هذا سببا لضعف القصة إذا أحسن صاحبها تصويرها، وقدم إليك السياق في جمال وإبداع يعوضك عن عمق الفكرة وأصالة الموضوع. والأفكار الخالدة هي تلك التي تكشف عن النواحي الإنسانية العامة الصالحة للحياة في كل زمان وفي كل بيئة. وليس في قنديل أم هاشم ذلك التحليل العميق للنفس البشرية، حتى إذا نقلت القصة إلى لغة أجنبية نالت الإعجاب. ويبدوا أن صداقة الأستاذ سيد قطب للمؤلف هي التي دفعته إلى تشجيعه، ومن آيات هذه الصداقة أنه يقول عنه. أوه! يحي حقي! أين كانت كل هذه الغيبة الطويلة؟ وفيم هذا الاختفاء العجيب.
نرجو أن يعود يحي حقي إلى الميدان، فالقصاص عندنا قليلون.
ونرجو أن يتابع الأستاذ سيد قطب نقداته فهو حقا من خيرة النقاد في مصر.