ولكن الفوضى، بله الضعف الإداري بأوسع معانيه، وافتقار مدير الفرقة إلى معرفة فن المسرح وفن الرواية، وهو الذي جعل لأعضاء لجنة القراءة قوة غير قوتهم وسلطاناً غير سلطانهم، وسول لبعضهم أن يفضح ذاته ويعرض أقرانه للفضيحة، فاضطرنا ذلك إلى نقل مركز الثقل من على كتف المدير المسؤول لنضعه على أكتاف من تطوعوا لتحمل المسؤولية لوجه شيطان الكبر والإدعاء
يحسن الوقوف قليلا عند رواية طبيب المعجزات، أولا لأنها الرواية المصطفاة من بين الروايات التي حازت جائزة المباراة؛ ثانيا لأنها توضح بأجلى بيان مبلغ فهم القائمين على شئون الفرقة للفن المسرحي والتأليف الروائي. ورواية طبيب المعجزات هذه كما لخصتها في مقال سابق معتمداً على قراءتها قبل تمثيلها وقد استبدلت خاتمتها بسواها، تدور حول طبيب استغرقه البحث العلمي فتوصل بعد جهد ومثابرة إلى إكسير يطيل الحياة مئات من السنين؛ وإذ يبلغ الأمة خبر هذا الاختراع العجيب من الصحافة التي رصدت له أوجه صفحاتها تهلل وتكبر وتفرح بطول الحياة، ثم تشارك الحكومة الأمة في تقدير العالم الجليل فتمنحه رتبة الباشوية وألزمت الناس بالتطعم بهذا الطعم.
ينام الطبيب فتتجلى له في الحلم مضار اختراعه. فيرى الحكومة تكلفه رسميا إلقاء محاضرة يوضح فيها خواص الإكسير، ويسمع أسئلة الناس تنهال عليه.
ونسمع الطبيب يوضح خواص اختراعه فيقول إن الرضيع تدوم مدة رضاعته خمس عشرة سنة، ويبلغ سن الرشد في سن المائتين والخمسين، وهكذا تتراكم على الطبيب الخيالات في الحلم فتهدم ما بناه في اليقظة.
هذه هي، رواية الموسم، هل تجد فيها (الفكر الروائي الناضج) أم هي (كوميديا) من النوع الذي يسر بعض أوساط من الناس عائشين على هوامش الحياة؟ هل يمكن أن تكون هذه الرواية أنموذجاً للكمال الذي قال فيه أحد أعضاء لجنة القراءة (إن الفرقة تمضي سراعاً إلى الكمال)؟